أيها الطفل الغزاوي لك الله
مصطفى القرنة
02-12-2024 11:14 PM
على شاطئ غزة، حيث تلتقي أمواج البحر برماله الذهبية، كان هناك طفل صغير يركض بكل قوته. كانت قدماه العاريتان تغوصان في الرمال المبللة، ووجهه الشاحب يظهر من بين خصلات شعره المبعثرة بفعل الرياح. عينيه، اللتان بدتا أكبر من عمره بكثير، كانتا تبحثان في الأفق، حيث البحر يتلاطم بأمواجه دون رحمة، كأنه لا يحمل له أملًا.
كان يحمل بيده إناءً فارغًا، وهو يهزّه بين يديه وكأنّه يظن أن معجزة ستحدث فجأة. لم يكن في الإناء شيء سوى الصدى الذي يصطدم بجدرانه المعدنية. كان قلبه مليئًا بالآمال، ولكن كل خطوة كان يخطوها على الرمال كانت تخفي وراءها خيبة أمل جديدة.
في الأفق البعيد، كان يرى أهله ينتظرون، وكل منهم يحمل نفس الأمل في قلبه: "هل سيعود بشيء؟" لكن ما من شيء في يديه سوى الفراغ. لا طعام، لا ماء، لا شيء سوى الأمل الذي يتناثر مع كل نسمة هواء، في غياب الدعم، في غياب السلام، في غياب الحياة.
توقف الطفل قليلاً، نظر إلى الإناء في يده، ثم إلى البحر الذي لا يرحم، وعاد يجري مجددًا. كل خطوة كانت تثقل قلبه أكثر، وكلما اقترب من بيته، زادت تساؤلاته: "ماذا سيقول لأمه؟ ماذا سيقول لأبيه؟" ولكنه كان يعلم في أعماقه أنه لا جواب لديه سوى الصمت.
عندما وصل أخيرًا، دخل البيت بخطوات بطيئة. لم يكن هناك طعام، ولا حتى بقايا من حلم. فقط فراغ كبير ملأ الأرجاء، وفراغ أكبر في قلبه الصغير.