التنمية الريفية في الأردن: من وحي مهرجان الزيتون
عمر الشوشان
02-12-2024 10:37 PM
يشكّل مهرجان الزيتون السنوي في الأردن أكثر من مجرد سوق لبيع المنتجات المحلية؛ فهو نافذة تعكس روح الهوية الأردنية وتاريخها العريق. هذا الحدث، الذي تنظمه وزارة الزراعة، يعدُّ مساحة إبداعية تحتضن الإنتاج المحلي، وتبرز قيمة التعاونيات الزراعية في دعم الاقتصاد الريفي وتعزيز التضامن المجتمعي.
البعد الثقافي والهوية الأردنية
يتجاوز مهرجان الزيتون مجرد كونه معرضاً تجارياً، فهو يحتضن الإرث الثقافي والهوية الأردنية المتجذرة في الأرض والزراعة. الزيتون، الذي يمثل شجرةً مقدسة وركناً أساسياً في الزراعة الأردنية، يعكس العلاقة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة. ويبرز المهرجان كيف يمكن للإبداع المحلي، سواء عبر المنتجات الغذائية أو الحرف اليدوية، أن يكون سفيراً للثقافة الأردنية داخل البلاد وخارجها.
ا*لتعاونيات كرافعة للتنمية المحلية *
في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية، تلعب التعاونيات الزراعية دوراً محورياً في تمكين المجتمعات الريفية. هذه التعاونيات ليست مجرد وسيلة لتحسين الدخل، بل هي نموذج للتضامن المجتمعي الذي يسهم في تحسين جودة الحياة. إن تعزيز هذا القطاع يفتح آفاقاً واسعة للتنمية المستدامة، حيث يمكن للتعاونيات أن تكون قوة اقتصادية واجتماعية قادرة على إحداث تغيير إيجابي ملموس.
رغم ذلك، تواجه التعاونيات العديد من التحديات التي تعوق تطورها، مثل نقص التمويل، وعدم وجود الدعم الفني الكافي، وضعف البنية التحتية في المناطق الريفية. وهنا يبرز دور وزارة الزراعة والحكومة بشكل عام في توفير البيئة المواتية لنمو هذه التعاونيات واستدامتها.
المطلوب دعم حكومي متواصل
أكّد البيان الوزاري الأخير على أهمية التعاونيات كجزء من رؤية وطنية تهدف إلى إعادة الحيوية للقطاع الزراعي. وتعهدت الحكومة بالمضي قدماً في دعم هذه التعاونيات، من خلال تعزيز دور البنك التعاوني الأردني ليكون رافداً حقيقياً للتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى تطوير معهد التدريب التعاوني ليقدم برامج متخصصة تسهم في بناء قدرات العاملين في القطاع التعاوني.
إعادة الألق لهذه المؤسسات يعكس رؤية استراتيجية للتنمية الريفية، حيث يتم التركيز على الاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية، وتعزيز التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة والشباب في المناطق الريفية. فبفضل الدعم الحكومي والتعاون بين القطاعين العام والخاص، يمكن للتعاونيات أن تتحول إلى محركات للتغيير الإيجابي تسهم في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
نحو رؤية واضحة
التنمية الريفية تحتاج إلى رؤية شاملة تعزز الابتكار والشراكة. يجب أن تتضمن هذه الرؤية تقديم حوافز للتعاونيات، وضمان شمولها في الخطط الوطنية، والعمل على إزالة التحديات التي تواجهها. كما ينبغي أن تُخصص ميزانيات كافية لدعم المشاريع الريفية، مع التركيز على تسويق المنتجات المحلية داخل الأسواق العالمية.
مهرجان الزيتون هو مثال حيّ على ما يمكن أن يتحقق عندما تتكامل جهود المجتمع المحلي مع الدعم الحكومي. ولكنه ليس سوى البداية. يجب أن يكون لدينا التزام مستدام بتنفيذ سياسات تعزز التنمية الريفية وتعيد الحيوية للمجتمعات الريفية التي طالما كانت العمود الفقري للاقتصاد الريفي الأردني.
ختاماً، إن بناء مستقبل زراعي مستدام يتطلب منا جميعاً، حكومةً ومجتمعاً، أن نؤمن بأهمية الريف والبادية وأن نعمل على تمكينهم بكل الوسائل المتاحة، ليكون الأردن نموذجاً يُحتذى به في التنمية الريفية.