ثلاث مدارس في تقييم الأداء الاقتصادي
د. فهد الفانك
14-08-2007 03:00 AM
في تقييم حالة الاقتصاد الأردني هناك مدرستان رئيسيتان: الأولى تبحث عن الإنجاز وتركز على المؤشرات التي تعطي قراءة إيجابية، والثانية تبحث عن العيوب وتركز على المؤشرات التي تعطي قراءة سلبية. (حديث المدرسة الثالثة يأتي بعد قليل).هدف المدرسة الأولى رفع المعنويات، وتحسين التوقعات، وتعزيز الثقة العامة، وبالنتيجة تحسين الأداء المستقبلي. وهدف المدرسة الثانية تشخيص العيوب والنواقص بقصد معالجتها، وبالتالي تحسين الأداء المستقبلي.
الهدف النهائي واحد أو متشابه، والوسائل المتبعة مختلفة بل متناقضة. ويُطلق على الفئة الأولى صفة التفاؤل ورؤية الأمور من نظارة وردية، ويطلق على الفئة الثانية صفة التشاؤم ورؤية الأمور من نظارة سوداء.
هناك دافع سياسي أيضاً لاختيار هذا الموقف أو ذاك، فأصدقاء الحكومة يقفون عادة في الجانب الإيجابي المتفائل، الذي لا يرى سوى الإنجازات ويتوقع المزيد منها. وخصوم الحكومة يقفون عادة في الجانب السلبي المتشائم، الذي لا يرى سوى التراجع في مختلف المؤشرات، ويتوقع المزيد منها إذا لم يحدث تعديل جوهري في السياسة أو تغيير في الحكومة، وهذا بيت القصيد.
كل هذه المواقف مشروعة ومقبولة ضمن فضاء التعددية السياسية والاقتصادية، فلا عيب في دعم الحكومة وتأييدها، ولا ضَير في نقد الحكومة ومعارضتها، فلا ديمقراطية بدون معارضة، ولا تصحيح للمسار ومنع الانحرافات بدون نقد.
لكن هاتين المدرستين، الموغلتين في التطرف بهذا الاتجاه أو ذاك، تتركان المركز الوسطي لمدرسة ثالثة متوازنة يمكن وصفها بالموضوعية، أي غير المنحازة للحكومة أو ضدها، فتدل على الإيجابيات طلباً للمزيد منها، وتدل على السلبيات لتلافيها، أي أنها ترى الأشياء كما هي، وليس لها مصلحة مباشرة في تقوية الحكومة وتحسين صورتها بشكل مصطنع ، أو إضعافها والتشويش عليها تمهيداً لترحيلها والحلول محلها.
مما لا شك فيه أن الإيجابيات والسلبيات متوفرة دائماً ليلتقط منها المحلل ما يشاء، ومن المؤكد أن الوضع المثالي لا وجود له إلا على الورق، وهناك دائماً مجال لتحسين الأداء والخروج بنتائج أفضل، ولذا يظل النقد واردأً ما دام بنّاءً، وغير متعسف، ولا يقصد به الضرب تحت الحزام.
ffanek @ wanadoo.jo
الكاتب رئيس مجلس ادارة "الرأي" الاردنية .