الزعبي: خاصرتنا رخوة .. والحكومة كأنها في دولة اخرى
02-12-2024 02:12 PM
عمون - انتقد النائب عوني الزعبي بيان الثقة لحكومة الدكتور جعفر حسان الذي حمل الكثير من الشعارات والخطط الطموحة والوعود العريضة، لخلوه من كيفية تأثير القضايا الاقليمية على الداخل الاردني خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والامن.
وقال إن ليس كل ما يقال في الخطب قابل للتطبيق وليس كل ما يعلن في البرامج يعكس الواقع.
وأضاف، خيل لي ان ما يحيط بنا من كوارث وحروب ومخططات استعمارية ليست سوى احلام يقظة ليس لها في الواقع شيئا، وتتصرف الحكومة كأنها في دولة اخرى لا دولة محاطة بالحروب والتحديات.
وتساءل الزعبي، ما هي خياراتنا وبدائلنا في حال نفذت مخططات العدو، وماذا نملك لمنع التهجير الفلسطيني وما نفعل لو فرض ترامب خططه علينا؟
وقال إن البيان الحكومي غفل أهمية إصلاح التشريعات المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية رغم تأكيده على صون الحريات العامة كونها حق دستوري، لكنه تأكيد ينقصه الشواهد في الممارسة، فالجبهة الداخلية خاصرتها رخوة.
وبين الزعبي أن هناك شعور بأن الحكومات المتعاقبة تعامل بعض ابنائها بندية وتسعى إلى محاسبتهم لمجرد الخلاف بوجهات النظر، فيما تأسس الأردن على قيم وفكر ورؤية الثورة العربية الكبرى التي قامت ضد القمع والتهميش والعنصرية..
وأكد أنه لا يعقل ان نتصيد الزلات القانونية للكاتب الأردني أحمد حسن الزعبي والذي له مكانته وسمعته ليزج به في السجن، فمتى كان السجن عقابا ناجعا للافكار، داعيا إلى أن يتسع صدر الدولة للجميع.
وتاليا كلمة الزعبي:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على النبي العربي الهاشمي الأمين
سعادة رئيس مجلس النواب،
الزميلات والزملاء ،،،،،
أما قبل
تحية إجلال وإكبار واعتزاز لأهلنا الأبطال المرابطين في قطاع غزة، وعلى كامل التراب الفلسطيني العربي، إن الخجل يعترينا ونحن نراقب نضالكم وبطولاتكم دون أن نملك أن نكون معكم في ميدان الحرية والصمود ولا يواسينا سوى فخرنا بالدور القومي العظيم الذي يبادر به جلالة الملك عبدالله الثاني منذ اليوم الأول لحرب الإبادة، فكان السند والداعم لأهلنا في فلسطين وغزة، وكان أول من يكسر الحصار عنهم بقوافل وطائرات المساعدات ناهيك عن دوره ومعه ولي العهد في الدفاع عن السردية الفلسطينية ودحض سردية المحتل النازي المغتصب أمام المجتمع الدولي والرأي العام العالمي.
أما بعد،
لقد استمعنا إلى البيان الوزاري الذي قدمته حكومة الدكتور جعفر حسَّان، والذي حمل الكثير من الشعارات والخطط الطموحة والوعود العريضة.
لكن يا سادة، علّمتنا التجارب أن ليس كل ما يُقال في الخطابات قابلًا للتطبيق، وليس كل ما يُعلن في البرامج يعكس الواقع الذي غفل عنه البيان الوزاري، فخُيل لي لوهلة وأنا استمع لدولة رئيس الوزراء أن ما يحيط بنا من كوارث وأزمات وحروب ومخططات تقسيمية واستيطانية واستعمارية وتحولات عالمية يلُفّها الجنون ليست سوى أحلام يقظة لا أساس لها في الواقع.
فلم يقدم البيان تصورا كافيا عن كيفية تأثير القضايا الإقليمية على الداخل الأردني، خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والأمن وكأن الحكومة تنأى بنفسها عن مواجهة التحديات الوجودية التي تطل من وراء الحدود وتتصرف وكأنها حكومة في قارة اخرى لا حكومة دولة محاطة بالحروب والفوضى.
أم هو استمرار لتخلي الحكومات في السنوات الأخيرة عن مسؤولياتها تجاه الملفات السياسية التي ألزمها بها الدستور، مكتفية بإدارة الملفات الاقتصادية والإدارية!؟
يقول البيان أن الأردن لم ولن يغير ثابتا حيال موقفه من القضية الفلسطينية وأشار للاءات الملك الثلاث وهذا مهم، لكن لم يقل لنا البيان ما هي خياراتنا وبدائلنا في حال نُفذت مخططات العدو؟ ماذا نملك لمنع تهجير الفلسطينيين؟ ماذا سنفعل لو فرض ترامب خططه على حسابنا؟ كيف سنواجهها؟ هل سنكتفي برفض هذه الخطط أم لدينا خطط بديلة وخيارات قادرة على التصدي لهذا المخطط؟ ونحن هنا لا نطلب الكثير سوى طمأنتنا على مستقبلنا وعلى وطننا في ظل هذا الإعصار من الجنون العالمي!
وأرجو ألا يؤخذ كلامي في إطار التشاؤم، بل هو محاولة للفت نظر الحكومة إلى ما وراء النافذة.
سعادة الرئيس
الزميلات والزملاء ،،،،،
لقد استهلّ رئيس الوزراء بيان حكومته بالإشارة إلى مبدأ الفصل بين السلطات، وهو مبدأ دستوري مقدس، لكن ما تبع هذه الإشارة من قول دولته وهنا أقتبس "إن أحد اهم مرتكزات تطبيق دستورنا العتيد هو تقاسم المسؤوليات بين السلطات ضمن مبدأ الفصل المتوازن والقائم على تكامل الأدوار والتعاون بينها، وليس التعارض أو التداخل أو التعطيل، فكلنا أمام مهمةٍ وطنيةٍ لا تحتمل التأخير" انتهى الاقتباس، وكأني بدولة الرئيس يهمس في أذننا محذرا من اعتراض خطط وبرامج ورؤية حكومته وإلا سوف يُحملنا مسؤولية تأخير "المهمة الوطنية"، وهذه بدعة سارت عليها حكومات سابقة حين فسّرت الدستور وفق أهوائها، وجعلت من مجلس النواب مُحَلِلاً شرعيا لقراراتها تحت سوط "التشاركية".
إن الدستور الذي استشهد به دولة الرئيس لا يتجزأ ولا يؤخذ ببعضه ويُنسى جلّه، فهذا الدستور نَصَ في فاتحته على أن نظامَنا نيابي ملكي فالدولة تبدأ من هنا، وهذا المجلس ليس ديكوراً سياسياً ، ولن يكون ، بل هو أساس الدولة وركنها الأول.
إن العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب علاقة قائمة على مصلحة الوطن والمواطن، لا علاقة شراكة وتناغم مطلق فهذا لا يخدم الدولة ولا ينسجم مع مسار التحديث السياسي الذي نسعى إلى تحقيق أهدافه، فنحن لا نسعى لعلاقة براغماتية مع السلطة التنفيذية ولا علاقة تناحرية بل هي علاقة رسم حدودها الدستور فنحن شركاء النظام السياسي في الحكم ومهمتنا مراقبة ومساءلة ومحاسبة السلطات وسن التشريعات.
إذا أدركت الحكومة هذه الحقيقة وانطلقت منها في تعاطيها مع مجلس الأمة وإذا أدركناها نحن النواب حينها نستطيع أن نضع الأردن على سلم التحديث السياسي بمفهومه الشمولي وبثبات واستقرار واستدامة.
سعادة الرئيس
الزميلات والزملاء ،،،،،
إن ما ورد في البيان الوزاري حول سيادة القانون والقول بأنه "لا يمكن القبول بمقايضات أو سياسات استرضائية على حساب القانون ومصالح المواطنين وسلامتهم وحقوقهم" يستحضر في ذهني الآية الكريمة "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"، فمن المفارقة أن حكومتك يا دولة الرئيس – عبر الرئاسة الجليلة - تضم في تشكيلتها وزراء تم استرضاؤهم في الوقت الذي تتحدث فيه عن رفضك لسياسة الاسترضاء، ألم نتعلم من تجارب الماضي حين حمت مؤسسات في الدولة شخصيات كانت مثار جدل وأثبتت الأيام أنهم لم يكونوا أهلا للثقة والحماية؟
ونفهم أن كل رئيس وزراء يفضل أن يأتي بمن يستطيع إدارتهم والانسجام معهم في تنفيذ خطط وبرامج الحكومة، لكن يا دولة الرئيس - عبر الرئاسة الجليلة- الانطباع أهم من الحقيقة وأكثر تأثيرا، ونحن في الأردن نواجه أزمة حقيقة في ردم الثقة بين المواطن وبين المؤسسات الرسمية، وهذه الانطباعات لا يجب أن يستهان بها فالمسؤولون والمؤسسات تعاني حتى اليوم من تبعات الانطباعات التي برزت إبان ما يعرف بالربيع العربي والتي دفعت الحكومات لتغيير سياساتها وتشريعاتها تحت ضغط هذه الانطباعات، ولا يلام المواطن بل يلام من يعزز لديه هذه الانطباعات.
سعادة الرئيس
الزميلات والزملاء ،،،،،
يُشير البيان إلى دعم السلطة القضائية وتعزيز استقلاليتها، لكنه لا يُقدم ضمانات حقيقية لتنفيذ ذلك، ويتجاهل ضرورة تطوير آليات التفتيش القضائي على عمل المحاكم وضمان تطبيق القانون بصورة عادلة.
إن تحسين البنية التحتية وتوسيع نطاق استخدام العقوبات البديلة، رغم أهميتها، لا تُمثل جوهر الإصلاح القضائي، بل يجب أن تتضمن الإصلاحات القضائية ضمانات حقيقية لاستقلالية القضاء، وتعزيز الشفافية والمساءلة في النظام القضائي.
كما يُغفل البيان أهمية إصلاح التشريعات المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية رغم تأكيده على صون الحريات العامة كونها حق دستوري، لكنه تأكيد ينقصه الشواهد في الممارسة، فالجبهة الداخلية خاصرتها رخوة، إذ ثمة شعور بأن الحكومات المتعاقبة تعامل بعض أبنائها بندية وتسعى لمحاسبتهم لمجرد الخلاف في وجهات النظر، نحن الأردن الذي تأسس بقيم وفكر ورؤية الثورة العربية الكبرى التي قامت ضد القمع والظلم والتهميش والعنصرية، على هذا قام الأردن وهذا ما جعله يجتاز كل المطبات التاريخية الحرجة، وهذا ما يميزه عن محيطه..
لا يعقل أن نتصيد الزلّات القانونية لكاتب وصحفي مثل أحمد حسن الزعبي له مكانته وسمعته ليزج به في السجن بدلا من تكريمه!! متى كان السجن عقابا ناجعاً للأفكار ، يجب أن يتسع صدر الدولة للجميع فنحن نحتاج لتمكين الجبهة الداخلية في هذا الوقت الحرج لا أن نترك المجال للفتنة والتفرقة، وطالما تحدث البيان عن نية الحكومة للتوسع في تطبيق العقوبات البديلة عن العقوبات السالبة للحرية، من خلال الخدمة المجتمعية وتوسعة برامجها، فما الذي يمنع من تطبيقها الآن على الكاتب وهي متاحة بموجب القانون ومن صلاحيات وزير العدل؟
سعادة الرئيس
الزميلات والزملاء ،،،،،
استعرض البيان الوزراي خطط الحكومة لتخفيف الضغط السكاني واستدامة البنى التحتية وتحسين نوعية حياة المواطنين، واعتبر أن المضي في مشروع المدينة الجديدة ضرورة قصوى، لكن لم يخبرنا البيان إن كان نهج التنظيم والإدارة في المدينة الجديدة سيشهد تغييرا، فإن كنا سندير المدينة الجديدة ونخطط لها وفق النهج القائم فلا داع لها ولنوفر الأموال التي سننفقها عليها في مشاريع إنتاجية تفيد المواطنين، لأنه لم يعد مقبولا بعد اليوم أن تبقى مدننا رهينة عقليات ترسم وتخطط بعشوائية مثيرة للاشمئزاز، حتى تحولت مدننا لغابات اسمنتية، ولا زلنا نرخص أسواقا تجارية ضخمة على ضفاف الدواوير والشوارع الرئيسية الحيوية ثم نتساءل من أين جاءت هذه الاختناقات المرورية؟ ولماذا ضُغطت المدن سكانيا؟ إن ما تشهده مدننا لجريمة نكراء وليتهم يخجلون.
إن الحل يا دولة الرئيس – عبر الرئاسة الجليلة - بالعودة للمحافظات، فالعاصمة عمّان أثقل كاهلها بالهجرة، والدولة اليوم تدفع ثمن الاهتمام الزائد بعمان على حساب باقي المحافظات حتى أُنهكت ديمغرافيا واقتصاديا، لذا يجب إعادة الاعتبار للمحافظات والنظر إليها على أنها نقاط قوة لا نقاط ضعف، حين يكون في إربد نحو مليوني نسمة فهذه كتلة بشرية هائلة يمكن استثمارها، والمحافظات النوعية مثل إربد لديها ميزات تنافسية لا تتوفر حتى بعمان مثل الأراضي الزراعية على سبيل المثال لا الحصر، واستغلالها يحقق ما تسعى إليه الحكومة في تحقيق الأمن الغذائي
خاتمة القول
من الظلم ان نحكم على الحكومة الجديدة في بداياتها، فلطالما خدعتنا البدايات، لكننا امام بيان قدمت الحكومة نفسها من خلاله، ومنه سنحكم ان كانت هذه الحكومة قادرة على تحمل مسؤولياتها الوطنية في هذا الظرف التاريخي ام لا ، وإن نالت هذه الحكومة ثقة هذا المجلس سوف نقارن خطابها بأدائها ، فلا ثقة مطلقة وان عُدتم عُدنا ، اما انا فسوف التزم بقرار حزب الميثاق حجباً أو منحاً إيماناً مني بضرورة إنجاح التجربة الحزبية فلطالما طابق قولي فعلي .
عاش الأردن العظيم ، عاشت فلسطين ، والمجد للشهداء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته