الذكرى 70 للعلاقات الدبلوماسية الأردنية التشيلانية في عرين الجامعة الأردنية
السفير الدكتور موفق العجلوني
02-12-2024 01:16 PM
على مدرج المرحوم دولة احمد اللوزي في عرين الجامعة الأردنية اقيمت احتفالية تحت الرعاية الكريمة لصاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال حفظه الله، بمناسبة الذكرى السبعين للعلاقات الدبلوماسية بين المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية تشيلي. هذه المحطة لا تعكس فقط الصداقة الدائمة بين بلدينا، بل ترمز أيضًا إلى قوة الدبلوماسية الأردنية في تجسير المسافات سواء كانت سياسية او جغرافية أو ثقافية.
دولتان تقعان على طرفي الكرة الأرضية، ومع ذلك متحدتان في الروح والهدف. على الرغم من الفصل بينهما بالمحيطات والجبال الشاسعة، فقد واصلت الأردن وتشيلي تعزيز روابطهما من خلال القيم المشتركة والاحترام المتبادل والالتزام الثابت بالتعاون. علاقة مبنية على الثقة والتفاهم عندما تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الأردن وتشيلي لأول مرة في عام ١٩٥٤، كانت خطوة مهمة نحو شراكة دائمة. منذ البداية، فهمت كلا الدولتين أن المسافة بيننا لن تعيق إمكانية التعاون. على مدى العقود السبعة الماضية، عملت البلدين الصديقين معًا في مجالات عديدة: في التجارة، والتعليم، والثقافة، والعلوم، والدبلوماسية الدولية.
فقد لعبت كل من الأردن وتشيلي أدوارًا حيوية في تعزيز السلام والأمن والاستقرار. بينما نواجه التحديات العالمية سواء كانت سياسية اقتصادية أو بيئية أو إنسانية وقفت بلداننا باستمرار جنبًا إلى جنب في السعي نحو الحلول السلمية. من خلال أروقة الأمم المتحدة إلى المنتديات الإقليمية، حيث شاركت الأردن وتشيلي في الالتزام بتعزيز العلاقات الدبلوماسية، والدفاع عن حقوق الإنسان، والتنمية المستدامة، والحل السلمي للنزاعات.
بالإضافة إلى التعاون السياسي والاقتصادي، لعبت التبادلات الثقافية والتعليمية دورًا أساسيًا في تعزيز علاقتنا الثنائية. في كل من الأردن وتشيلي، شهدنا اهتمامًا متزايدًا بتعلم ثقافات وتاريخ وتقاليد بعضنا البعض.
في الجامعة الأردنية، يعد تعزيز التعلم عبر الثقافات وبناء الشراكات الدولية جزءًا أساسيًا من مهمة تعليم القادة المستقبليين. من المشجع أن نرى مؤسساتنا الأكاديمية تشارك بشكل متزايد في التعاون مع تشيلي، حيث نتشارك المعرفة والبحث والفرص التي ستساعد في تشكيل مستقبل كلا بلدينا
بينما نتطلع إلى المستقبل، فإن الذكرى السبعين لعلاقاتنا الدبلوماسية ليست مجرد وقت للتأمل، بل أيضًا لتجديد الالتزام. لا تزال هناك العديد من الفرص للتعاون والنمو، لا سيما في مجالات مثل التكنولوجيا، والابتكار، والاستدامة البيئية، والسياحة. من خلال الاستمرار في تعميق شراكتنا، يمكننا أن نحدث تأثيرًا إيجابيًا على حياة شعوبنا ونساهم في التقدم العالمي.
أود أن أغتنم هذه الفرصة لأعبر عن خالص امتناني لسعادة السفير خورخي تاجلي على جهوده الدؤوبة في تعزيز الروابط بين بلدينا. وبالمثل، نتقدم بالشكر إلى الجامعة الأردنية وكل من عمل على جعل هذا الندوة واقعًا، مما خلق مساحة لا تقدر بثمن للحوار والتبادل.
لا بد من توجيه الشكر الى معالي الدكتور نذير عبيدات رئيس الجامعة الأردنية على احتضان هذه الاحتفالية بمناسبة مرور ٧٠ عاماً على إقامة العلاقات الاردنية بين الاردن وتشيلي، تحت الرعاية الكريمة لصاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، للاحتفال بالذكرى السبعين للعلاقات الدبلوماسية بين المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية تشيلي. هذه المحطة لا تعكس فقط الصداقة الدائمة بين بلدينا، بل ترمز أيضًا إلى قوة الدبلوماسية في تجسير المسافات سواء كانت جغرافية أو ثقافية.
ان احتفال الجامعة الأردنية بالشراكة مع السفارة التشيلانية في عمان و السفارة الأردنية في تشيلي و الجامعات التشيلانية بالذكرى السبعين للعلاقات الدبلوماسية بين المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية تشيلي، ليس مجرد انعكاس للصداقة الدائمة بين بلدينا فحسب، بل هو أيضًا شهادة على قوة الحوار والتعاون عبر القارات .
بصفتي شخصيًا حظيت بشرف الخدمة في تشيلي لمدة خمس سنوات ١٩٩٥-٢٠٠٠، و قد سبقها ٤ سنوات في فرنسا و قبلها سنوات في الطرف الاخر من العالم في استراليا، واعتبر نفسي محظوظاًِ ان عملت في شرق الكرة الأرضية ثم في اوسطها، ثم في اقصى غربها، مما اكسبني خبرة فريدة علاوة على استغلالي عملي الدبلوماسي بالالتحاق في دراسات علمية في جامعات تلك البلدان تنوعت من الإدارة العامة و تكنولوجيا المعلومات و القانون الدولي و التاريخ والصحافة والاعلام. طبعاً سبق هذه الجامعات جامعتين اعتز وافتخر بهما هي جامعة دمشق بكالوريوس باللغة الانجليزية وآدابها وام الجامعات "الجامعة الأردنية" دراسات عليا في الصحافة و الاعلام ١٩٨٠-١٩٨٢. وكلما ازددت علماً ازددت علماً بجهلي، وطبعاً تشرفت بعد تشيلي بالعمل بمحطات أخرى مثل إيطاليا واوزباكستان وارمينا وغرقستان وأذربيجان.
تحمل هذه الاحتفالية بمناسبة مرور ٧٠ عام على إقامة العلاقات الأردنية التشيلانية معناً خاصًا بالنسبة لي. خدمتي في تشيلي لم يسمح لي فقط بمشاهدة دفء وكرم وغنى الثقافة للشعب التشيلاني عن كثب، بل عمق أيضًا فهمي للروابط العميقة التي يمكن أن تتشكل بين بلدينا وخاصة بوجود جالية اردنية و عربية عريقة تجاوز عددها المليون يعود تاريخ انتقالها الى تشيلي عام ١٨٥٠ و اذكر ان اول مهاجر اردني غادر الى تشيلي عام ١٩٠٥ و هو المرحوم إبراهيم مضاعين من الفحيص، و في لقائي مع المرحوم في منزله في مدينة فينيا دلمار عام ١٩٩٩ رفض منح وكالة عامة لأولاده ( اللذين طلبا مني التوسط لهما لمنحهما وكالة عامة ) للتصرف بأملاكه في مدينة الفحيص خوفاً من ان يقوموا ببيعها ،واصر انه يرغب بالعودة الى الأردن و بناء بيت هناك . فأكبرت به رحمه الله هذا الانتماء و هذه الوطنية و محبته للأردن، علماً بأنه كان في التسعينيات من العمر، و علمت وانا في إيطاليا عام ٢٠٠٣ انه انتقل الى رحمة الله في تشيلي.
ويأتي احتضان الجامعة الأردنية هذه الاحتفالية على أهمية التعاون الأكاديمي والثقافي بين الأردن وتشيلي والتي اشاراليه كل من دولة الدكتور عدنان بدران ومعالي الدكتور نذير عبيدات والتركيز على مواصلة استمرارية التعاون بين البلدين في مجالات التعليم، البحث العلمي، والأنشطة الثقافية. وهذه ليست الاحتفالية الأولى التي تحتضنها الجامعة الأردنية حول تعزيز العلاقات الثقافية والعلمية بين البلدين. حيث بحث رئيس الجامعة الأردنية معالي الدكتور نذير عبيدات خلال لقائه اليوم الثلاثاء بتاريخ ١١/٤/٢٠٢٣ مع سعادة سفير جمهورية تشيلي في الأردن خورخي أليخاندرو ، التعاون المشترك بين الجامعة ومؤسسات التعليم العالي التشيلية.واستعرض الجانبان، بحضور مديرة وحدة الشؤون الدولية الدكتورة هديل ياسين، ومدير وحدة البرنامج الدولي والخريجين والتسويق الدكتور زيد عبيدات، إمكانية مد جسور التعاون الأكاديمي مع الجامعات التشيلانيّة، بما يشمل تبادل أعضاء هيئة التدريس والباحثين والطلبة، في مجالات الدراسات العربية وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها والعلوم السياسية.
وأكد الدكتور عبيدات أهمية بناء تعاون مشترك بين الطرفين، انطلاقا من الأهداف الاستراتيجية للجامعة المتعلّقة ببناء شراكات استراتيجية مؤثرة وفاعلة مع ذوي العلاقة محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا، وتبادل الخبرات والمعارف عالميًّا بما يعود بالمنفعة على الجامعة وطلبتها وكوادها التعليمية.
حيث اكد سعادة السفير التشيلي إمكانية توقيع مذكرة تفاهم مع جامعة تشيلي بوصفها الأقدم والأعرق في بلاده، مؤكّدًا الرّغبة في بناء علاقات تعاون أكاديمي متينة وتشمل محاضرات، وأنشطة ثقافية، و توقيع اتفاقيات تعاون جديدة بين الجامعة والسفارة التشيلية في عمان.
هذا الحدث يعكس عمق العلاقة بين البلدين، ويؤكد على أهمية التعاون الأكاديمي والثقافي. تشهد هذه المناسبة أنشطة متعددة تهدف إلى تعزيز الروابط بين شعبي البلدين على مختلف الأصعدة، مثل تبادل المعرفة، وتنظيم فعاليات ثقافية، وتطوير علاقات في مجالات التعليم والبحث العلمي.
وهذه مناسبة طيبة ايضاً يمكن من خلالها تعزيز هذه العلاقات في المستقبل، مثل توقيع اتفاقيات تعاون جديدة بين الجامعة الأردنية والسفارة التشيلية والجامعات التشيلانية وتعريف الطلاب بالأبعاد الثقافية والعلمية في كلا البلدين. كما تسلط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه الجامعة الأردنية كمؤسسة تعليمية رائدة في هذا السياق، حيث تشارك في أنشطة بحثية وثقافية تشارك فيها تشيلي. وهي فرصة لتكريم هذه العلاقات التاريخية وللتأكيد على استمرار التعاون بين الجامعات الأردنية والمؤسسات التعليمية في تشيلي في المستقبل.
ومن الممكن أن يكون للجامعة الأردنية دور بارز في برنامج التبادل الطلابي مع تشيلي والفرص الأكاديمية التي تقدمها الجامعات الأردنية لطلاب تشيلي، وكذلك العكس، حيث يذهب الطلاب الأردنيون للدراسة في تشيلي. ربما يشمل ذلك الفعاليات الفنية مثل العروض المسرحية، الفعاليات الموسيقية، أو ورش العمل الفنية التي تسلط الضوء على الثقافتين.
تشيلي ايضاً مشهورة في تصدير الفواكه مثل العنب والتفاح والنحاس والحديد والاسماك وخاصة السالمون، والأردن يمتلك قطاعًا صناعيًا متطورًا. يمكن التطرق إلى فرص التعاون التجاري بين البلدين ودور هذا التعاون في تعزيز العلاقات الثنائية.
بنفس الوقت يمكن الإشارة إلى التعاون في مجالات البحث العلمي مثل العلوم البيئية، الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا. قد تكون هناك مشاريع بحثية مشتركة بين الجامعات الأردنية والجامعات التشيلانية في هذه المجالات، مما يعزز التطور العلمي والتقني في البلدين.
في ضوء ما تقدم، يمكن أيضًا تسليط الضوء على دور الجامعات الأردنية كمنصة رئيسية لتعزيز العلاقات الأكاديمية والثقافية بين الأردن والدول الأخرى، وخصوصًا من خلال المؤتمرات الأكاديمية، الندوات، وورش العمل التي يتم تنظيمها بالتعاون مع السفارات والمؤسسات الثقافية. مع التركيز على كيفية تطوير هذه العلاقات بما يعود بالفائدة على البلدين وعلى المستوى الإقليمي والدولي.
تكمن ايضاً أهمية الذكرى السبعين في إطار تعزيز التفاعل بين الشعبين الأردني والتشيلي، وأن هذا الاحتفال ليس فقط فرصة للاحتفال بالماضي، بل هو أيضًا فرصة لإعادة تقييم التعاون الحالي ووضع خطط مستقبلية لتوسيع هذا التعاون في المستقبل. مع ضرورة تعزيز العلاقات بين الشعوب على مستوى إنساني، بعيدًا عن السياسة، عبر مشاريع إنسانية وثقافية تسهم في تعزيز السلام والتفاهم بين الأمم. مع الإشارة إلى دور الشباب في هذا التعاون، وكيف أن الجيل الجديد يمكن أن يحمل شعلة التغيير في مجتمعاته.
من جهة اخرى أشار معالي الرئيس الدكتور عبيدات ان وجود برامج للتبادل الطلابي بين الأردن وتشيلي، يمكن لهذه البرامج أن تساهم في تنمية المهارات وفتح آفاق جديدة للطلاب الأردنيين، إضافة إلى خلق فرص للطلاب التشيلانين للتعرف على الثقافة والتاريخ الأردني. بنفس الوقت فان الجامعات تعتبر جسراً للتواصل بين الشعوب من خلال الفعاليات الثقافية والأكاديمية. ومن خلال الأنشطة التي يتم تنظيمها بالتعاون مع السفارة التشيلانية، حيث تعمل الجامعة على تعزيز الديبلوماسية الثقافية، والتي لها تأثير إيجابي في تعزيز الروابط الإنسانية والاحترام المتبادل بين الدول. علاوة إلى أهمية التوسع في المشاريع المشتركة والبرامج البحثية بين الجامعات في كلا البلدين.
هذه المناسبة كما اشار مندوب معالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين سعادة السفير خالد هي فرصة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية التاريخية بين الأردن وتشيلي، وإلى تطور هذه العلاقات منذ أن تم تأسيسها قبل سبعين عامًا. ودور البلدين في دعم التعاون الدولي في مختلف المحافل العالمية، مثل الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى. وأهمية التعاون في المجالات السياسية والاستراتيجية، وخاصة في قضايا الدولية الهامة، مثل السلام والأمن الإقليمي، والقضايا الإنسانية، ودعم الحلول السلمية للقضايا الإقليمية. واستمرار التعاون الوثيق في مختلف المجالات بما يخدم مصالح البلدين.
وهذا ما أكد عليه معالي وزير الخارجية التشيلاني البيرتو فان كلافيرين في مشاركته مباشرة من تشيلي في احتفالية الجامعة الأردنية في التعاون مع نظيرة معالي وزير الخارجية الأردنية في تعزيز العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.
وبهذه المناسبة، أود أن أعبر عن امتناني العميق لسعادة السفير خورخي تاجلي على تفانيه في تعزيز الروابط بين بلدينا، والجامعة الأردنية على استضافتها لهذا الندوة الهامة تحت الرعاية الملكية السامية لسمو الامير الحسن و مشاركة دولة الدكتور عدنان بدران و معالي الرئيس الدكتور نذير عبيدات.
كشخص حظي بشرف الخدمة في تشيلي لمدة خمس سنوات، أتيحت لي الفرصة لمشاهدة التأثير الرائع الذي أحدثته الجالية الأردنية في تشيلي عن كثب. لكن لفهم عمق هذه العلاقة حقًا، يجب أن نعود إلى أوائل القرن العشرين، عندما بدأ أول الأردنيين، العديد منهم من المناطق التي تشكل اليوم جزءًا من الأردن، في الاستقرار في تشيلي.
بدأت هجرة الأردنيين إلى تشيلي في أوائل القرن العشرين، خلال فترة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية في الإمبراطورية العثمانية، التي كانت الأردن جزءًا منها آنذاك. هؤلاء المهاجرون الأوائل الذين جاء العديد منهم من مدن مثل عمان ومادبا والسلط والفحيص والكرك، جذبتهم تشيلي بوعد الفرص الاقتصادية وأمل بناء حياة أفضل لأنفسهم ولعائلاتهم.
واجهت الموجات الأولى من المهاجرين الأردنيين التحديات المشتركة لجميع المجتمعات المهاجرة: حواجز اللغة، الفروقات الثقافية، والصراع من أجل إثبات أنفسهم في أرض غريبة. ومع ذلك، ما ميز المجتمع الأردني في تشيلي كان قدرته الملحوظة على الاندماج في المجتمع التشيلاني مع الحفاظ على روابط قوية بجذوره الثقافية. مع مرور الوقت، أصبحت الجالية الأردنية جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي في تشيلي، مساهمة ليس فقط في الاقتصاد ولكن أيضًا في المشهد الثقافي والأكاديمي والسياسي للبلاد.
من بين المهاجرين الأردنيين الأوائل إلى تشيلي كانت هناك عائلات أصبحت أسماؤها مرادفة لتقدم البلاد وتطورها. لم تساهم هذه العائلات في تشكيل اقتصاد تشيلي فحسب، بل لعبت أيضًا دورًا محوريًا في السياسة والتعليم والتجارة والثقافة.
إحدى العائلات الأكثر شهرة هي عائلة حمارنة، التي كانت من أوائل الأردنيين الذين استقروا في تشيلي. أسس آل حمارنة أنفسهم كتجار ورجال أعمال ناجحين، مما ساهم في تطوير قطاع التجارة في تشيلي. روحهم الريادية، جنبًا إلى جنب مع شعور قوي بالمجتمع، وضعت الأساس لاندماج العديد من الأردنيين الآخرين في الحياة الاقتصادية في تشيلي.
وبالمثل، كانت عائلتا الحمارنة والدبابنة ومضاعين وصويص والهلسة، وحداد، وأبو غزاله، ووو .... لهم دور حاسم في إنشاء شبكات تجارية امتدت عبر تشيلي والقارة الأمريكية الجنوبية بأكملها. قدمت هذه العائلات مساهمات كبيرة في صناعة الاستيراد والتصدير، لا سيما في قطاعات مثل المنسوجات والغذاء ومواد البناء. مما عزز الحضور الأردني في تشيلي.
لقد تركت عائلتا صويص ومضاعين بصمتهما في مجالات متنوعة، من الأعمال إلى التعليم والعمل الاجتماعي. أنشأوا مدارس وجامعات ومنظمات اجتماعية ومؤسسات خيرية ساعدت في دمج الأردنيين في المجتمع التشيلي بينما عززت أيضًا التراث الثقافي الغني للعالم العربي.
من بين أكثر هذه العائلات تأثيرًا هي عائلة أبو غزالة، التي تمتد مساهماتها إلى ما هو أبعد من الأعمال التجارية. اسم أبو غزالة معروف في تشيلي ليس فقط لنجاحه التجاري ولكن أيضًا لمشاركته في السياسة التشيلية. أعضاء عائلة أبو غزالة شغلوا مناصب مهمة في حكومة تشيلي وكان لهم تأثير كبير في تعزيز الروابط بين تشيلي والأردن. وخاصة الشركة المتحدة للتجارة وديل مونتيه هنا في الاردن ومستشفى العبدلي و مصنع الاعلاف و الدواجن الوطنية و الهيئة الوطنية للتدريب للطيران، والتمور الأردنية.
أثر هذه العائلات الأردنية الرائدة واضح ليس فقط في التجارة والأعمال، بل أيضًا في المجالات الثقافية والتعليمية والسياسية. الكثير من المهاجرين الأردنيين الأوائل إلى تشيلي شاركوا بنشاط في السياسة المحلية، حيث عملوا وزراء واعيان ونواب كمستشارين ودبلوماسيين وحتى كمسؤولين منتخبين مثل الخاندروا هلسه ونجله باتريسير هلسه. جهودهم ساعدت في تعزيز الروابط بين تشيلي والعالم العربي، وخاصة في تعزيز صورة إيجابية عن الشعب الأردني في تشيلي. ومن خلال عملهم الجاد وتفانيهم والتزامهم بالتميز، كسبت الجالية الأردنية في تشيلي احترام وإعجاب المجتمع التشيلي الأوسع. لقد لعبوا دورًا أساسيًا، كانت هذه العائلات لاعبين رئيسيين في قطاعات التجارة، والبناء، والزراعة. والمشاركة السياسية والاجتماعية حيث انخرط العديد من العائلات الأردنية في السياسة التشيلانيّة، حيث شغل أعضاؤها مناصب قيادية سياسية وتجارية.
هذه الروابط التاريخية والثقافية بين الأردن وتشيلي تظل جزءًا لا يتجزأ من العلاقات الثنائية بين البلدين، وستستمر في الإثراء والعمق في المستقبل، حيث يواصل الجيل الجديد من المهاجرين وأحفادهم لعب دور مهم في تعزيز هذه العلاقات.
* مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@hotmail.com