الاصلاح السياسي والاقتصادي خطان يجب أن لا ينفصلا ..
محمد حسن التل
02-06-2011 03:52 AM
في هذه الظروف السياسية الصعبة التي تعصف بالمنطقة، والظروف الاقتصادية الأصعب التي يمر بها الأردن بتاريخه، يتحتم علينا جميعاً الانشغال التام بقضايا الوطن ومصالحه العليا، ووضعها في مقدمة كل الاهتمامات والاعتبارات، وذلك بتكاتف كل الجهود، ضمن نهج تشاركي، يستهدف بالنتيجة، المصلحة الوطنية وتحصين الوطن، ضد كل التحديات، وتعزيز المنجزات التي حققها الأردن، بفضل جهود قيادته.
يأتي في مقدمة هذه التحديات، عملية الاصلاح التي رسم ملامحها جلالة الملك، من خلال رؤية شاملة، تراعي خصوصية الاحتياجات الوطنية، وتستهدف تسريع الخطى، على دروب التطور والنمو وتعزيز الديمقراطية، واستكمال مسيرة البناء، للارتقاء بالوطن والمواطن، الى بر الامان.
ان مخرجات لجنة الحوار الوطني، التي جهد اعضاؤها، خلال الاشهر الماضية، لانجاز قانون انتخاب ديمقراطي، وقانون للاحزاب، يثري التعددية السياسية والحزبية القائمة، وذلك لتجسيد الرغبة الوطنية بالتغيير والتحديث والتطوير، يجب ان تصل بوضوح، الى اذهان كل الاردنيين، وهذا يتطلب من كل القوى الوطنية، بمختلف مكوناتها ومستوياتها، التواصل مع لجنة الحوار الوطني، لشرح ما توصلت إليه اللجنة، من انجاز للمواطنين، لكي نمضي جميعا بثبات قدما، لترجمتها وتحقيق التطلعات، نحو الاصلاح الشامل، لمواصلة مسيرة البناء والتقدم الوطني، نحو المستقبل، ضمن الرؤية الملكية الاصلاحية التحديثية.
ويبرز في المشهد، دور الاعلام الوطني، في تحمل مسؤولياته الوطنية، بتقديم مخرجات لجنة الحوار الوطني للناس، بكل وضوح، في اطار من الشراكة والمسؤولية الجماعية، والمساهمة الحقيقية، في دفع مسيرة الاصلاح الى الامام، لتكون انجازات اللجنة وثيقة عمل، تحافظ على المكتسبات الوطنية، ومن شأنها مضاعفة الإنجازات، خصوصا وان الوطن والمواطن يشكلان، محاورها الأساسية.
ان مهمة شرح وتوضيح مخرجات عمل لجنة الحوار لكل الناس، هي استحقاق لمرحلة، تستهدف المضي الى الامام، نحو التطور الشامل والاطر المؤسسية، لاركان الدولة الحديثة والعصرية، وبالتالي، فان هذا الاستحقاق، يوجب على الجميع، العمل على توضيح مخرجات اللجنة، وازالة الغموض إنْ وُجِد، لانه يخلق الارتباك، والنتيجة الحتمية لذلك، هي اغتيال الانجاز، وهو ما لا نتمناه، وعلينا جميعاً، أن نعظم نقاط الوفاق، ونحاول أن نتحاور حول نقاط الخلاف، على سبيل تجاوزها، واعتبار أن معظم من يعارض، تكون معارضته هذه، نابعة من حرص وطني، وبوضوح أكثر، علينا أن لا "نُشيطن" خلافاتنا، حتى نستطيع أن نعبر المرحلة التاريخية الراهنة للوطن، والانطلاق نحو آفاق أوسع، لتجسيد تطلعات وطموحات الاردنيين، في المستقبل الأفضل ضمن توافق وطني كبير.
وبالتوازي مع الاصلاح السياسي، تبرز الاهمية الكبيرة لمسار الاصلاح الاقتصادي، الذي يجب أن لا ينفصل أبداً، عن الإصلاح السياسي، إذ أنهما يشكلان خطين رئيسيين وأساسيين، في المسيرة الوطنية، ويجب أن لا يكون الإصلاح الاقتصادي، متأخراً عن الإصلاح السياسي، فهو السبيل لتوفير العيش الكريم لمواطنينا، ويفتح آفاق الانجاز أمامهم، وخلق فرص عمل، وتحسين البيئة الاستثمارية، والمضي قدما في المشروعات الكبرى، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
أمس، عندما كان يتحدث جلالة الملك، إلى رؤساء تحرير الصحف اليومية ومحرري الدوائر الاقتصادية فيها ومدراء الإعلام الرسمي، أعاد جلالته، التأكيد على ضرورة تكاتف الجميع، لتخطي الظروف الاقتصادية الصعبة، التي يمر بها الوطن، حماية للحاضر والمستقبل، وذلك لا يتأتى بالطبع، إلا بوضع المصلحة الوطنية العليا، في مقدمة الأولويات، لكافة قطاعات ومكونات الأردن، الدولة والمجتمع.
ان المناخ الاستثماري في الاردن، يتمتع بكثير من الميزات، التي تجعلنا دولة جاذبة للاستثمار، وهو ما تنبه اليه جلالة الملك مبكرا، حيث عمل على تطوير الاقتصاد الوطني، وتهيئة بيئة استثمارية منافسة، على مستوى المنطقة، واجراء اصلاحات شاملة، في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية منها، للقناعة التامة، بضرورة تطوير الاقتصاد الوطني، وجعله أكثر تجاوبا، مع حاجات الأردن التنموية، ومواجهة معدلات الفقر والبطالة المتزايدة، وتوجيه مكاسب التنمية، لتحسين مستوى معيشة المواطن، وذلك لا يكون، الا من خلال تنشيط النمو بالاستثمارات، التي لن تتدفق، قبل تحسين المناخ الاستثماري.
على هذا النحو، فان الاردن وفي اطار تطلعاته الطموحة، لايجاد اقتصاد قوي وبيئة استثمارية جاذبة، يعمل باستمرار، على تعديل التشريعات الاقتصادية وتحديثها، لمواكبة التطورات، وجعل البيئة الاستثمارية فيه ، بيئة جذب متواصلة آمنة ومستقرة، وهذا يتطلب من الحكومة، العمل على ضمان ازالة أي معيقات امام الاستثمارات، مثلما يتطلب من الاعلام الوطني، عكس صورة البلد الايجابية، بما يسهم في تحقيق الرؤية الوطنية، لتحسين الوضع الاقتصادي للاردنيين جميعا.
بالنتيجة، فان الالتفات الى ما هو اهم في مسيرة بلدنا، بات مطلبا وضرورة ملحة، تفرضها المصالح الوطنية العليا، لا سيما ونحن في مرحلة مليئة بالتحديات والتطورات، التي تستدعي استنهاض الهمم، لمواجهتها بما تستحق، من يقظة وعزم وعمل ووحدة، في كل الظروف والمراحل، لنتصدى جميعا، لهموم الوطن والمواطن، وتقديم النموذج للعالم، بتكريس ادق معاني الالتزام بروح الشراكة الوطنية، وتحمل مسؤولية بناء الوطن وتقدمه وتطوره وفق توافق وطني كبير.
(الدستور)