الأستاذ الدكتور يوسف القاعود: مسيرة علمية وعملية أردنية
الدكتور مهند النسور
02-12-2024 12:21 PM
يغدو اليوم الزميل والصديق الأستاذ الدكتور يوسف القاعود نموذجًا يُحتذى به في القيادة الأكاديمية والبحث العلمي والعمل على أرض الواقع، فكأحد الشخصيات الرائدة في مجال الصحة العامة، أسهم بعلمه الرصين وعمله الجاد وإبداعاته في تعزيز الانتاج المعرفي والبحثي من قلب المنطقة مما انعكس بدوره على إثراء سبل ممارسة الصحة العامة على المستويين الوطني والإقليمي وحتى الدولي.
لقد كرّس الأستاذ الدكتور يوسف ابن مدينة الصريح الأردنية الولاّدة للعقول جهده ووقته، موظفا ذكاءه الفذ وبعد نظره، في قيادة مشاريع بحثية تُلامس احتياجات الصحة العامة في الأردن وبلدان عديدة في المنطقة ، ونشر نتائجها وتوصياتها في مجلات علمية بارزة، مما مكنّه من إيصال صوت المنطقة إلى العالم، معتمدًا على توظيف علمٍ الغرب بما يواءم احتياجات محلية ووطنية، وبسواعد وعقول مستنيرة من الأردن العزيز وبلدان المنطقة. ولعل ما يُميزه هو قدرته على الخروج ببحوثه من أروقة المجالات الأكاديمية إلى عالم اوسع، اذ أهله هذا العلم للحضور في المحافل الدولية، مشاركًا بعلمه ومبرزًا احتياجات المنطقة، ومسهمًا في صياغة السياسات والتوجهات التي ترتقي بالمجتمعات جنبا الى جنب مع زملاءه من الاردن والمنطقة اذ كانت التشاركية والتعاون وروح الفريق الواحد دوما شعارات يرددها ويطبقها.
تميّزت أبحاث الدكتور القاعود بقدرتها على مواءمة أحدث الممارسات البحثية التجريبية والتشغيلية، وتوظيف أحدث استخدامات التكنولوجيا. كان يتمتع دوماً برؤية ثاقبة، رزقه الله بها، في تحديد الفجوات وتحديد الأولويات، فضلاً عن إيجاد فرص لتوظيف العلم البحثي الحديث في تعزيز أداء البرامج الصحية، وتحسين سبل الحصول على المعلومات البحثية ونقلها، ودراسة اتجاهات الأمراض، وغيرها من المجالات التي تساهم في النهاية في خدمة الصحة.
لم يقتصر دوره على الجانب الأكاديمي والبحثي فحسب، بل امتد إلى الإسهام في تنمية الكوادر البشرية، من خلال إشرافه على أجيال من الباحثين الشباب الذين نهلوا من علمه واستفادوا من خبرته، فالعديد من طلابه أثنوا على أسلوبه المميز في احتضانهم ودعمهم، وتوفير فرص التقدم والتشبيك، في سبيل تعزيز القدرات الوطنية والإقليمية.
وعلى المستوى الشخصي، لمستُ خلال سنوات عديدة من العمل معه شغفه الكبير بالعلم وخدمة المجتمع، حيث لم يكن أداؤه مجرد التزام بالمسؤوليات، بل كان ينبع من حب حقيقي للريادة والتميز.
إنجازات الدكتور يوسف لم تمر دون تكريم، فقد حصل على العديد من الجوائز المرموقة، أبرزها: جائزة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز لدوره في البحوث والإحصاء الحيوي بمناسبة عيد الاستقلال 2024، وجائزة خليفة للأستاذ المتميز على مستوى العلماء العرب، وزمالة كلية الصحة العامة من خلال التميز (FFPH) من كلية الأطباء الملكيين في المملكة المتحدة عام 2009، بالإضافة إلى جائزة فينوس العلمية الدولية عام 2016، وجائزة SCOPUS للمساهمة العلمية.
إن الحديث عن الأستاذ الدكتور يوسف القاعود هو استذكار لقصة نجاحٍ تلهم كل من يسعى لتحقيق التميز متخذا من الوطن نقطة انطلاق إلى الأفق الإقليمي والعالمي. إنه مثال حي على أن الإصرار والاجتهاد، مقرونين برؤية واضحة، يمكنهما تحقيق المستحيل وترك أثرٍ عميق في مسيرة العلم وخدمة الوطن والإنسانية جمعاء.