التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي
ابراهيم غرايبه
14-08-2007 03:00 AM
يعد الكتاب السنوي لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي بعنوان "التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي" والذي بدأ مركز دراسات الوحدة ترجمته إلى العربية، وقد صدر مؤخرا في مجلد صخم يزيد على1200 صفحة عمل موسوعي بالغ الأهمية في المجال الاستراتيجي والأمني والسلام ونزع السلاح والأخطار التي يعيشها العالم المعاصر، وهو مرجع عالمي في بيانات الإنفاق العسكري، فيعرض ويدرس كافة المسائل المتعلقة بالانفاق والتصنيع والنقل العسكري في دول العالم، ويمسح ويقارن التغيرات الجارية في الصناعة والإنفاق والإنتاج العسكري، والشركات والمؤسسات العاملة في هذه المجالات، وقد بدأ هذا الكتاب بالصدور السنوي منذ عام 1969، ولكن الترجمة العربية له بدأت منذ عام2003.لقد أدت نهاية الحرب الباردة عام1989 إلى آفاق جديدة للتفكير والعمل، فاليوم يعترف بمزيد من أبعاد الأمن ومزيد من أنواع الجهات الفاعلة، ولم تعد الحدود بين الدفاع العسكري وبناء السلام الفاعل واضحة، ومن ثم لا ينظر تلقائيا إلى الأسلحة كمشكلة، وتتعرض النماذج التقليدية لنزع الأسلحة للتهديد، غير أن هناك مجموعة كبيرة من المؤسسات التي تحاول اليوم الحد من النزاع والأخطار المتعلقة بالأسلحة عن طريق مزيد من الوسائل المتنوعة، وثمة عدد مثير للقلق من المشكلات الأمنية التي لم تقترب من الحل، ولم تقترب المبادرة المهمة من التحقق عما كانت عليه قبل أربعين عاما.
يكشف عام 2005 العام الذي يغطيه التقرير الأخير للمعهد عن خلاف بين الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وقد أثارت انتكاسة المعاهدة الدستورية للاتحاد الأوروبي في عام 2005 عديدا من التساؤلات حول طموح الاتحاد الأوروبي ليقوم بدور أكثر فاعلية في الشؤون الدولية، في الوقت الذي جاهد فيه حلف الناتو ليؤكد أسبقيته من خلال إطلاق أنواع جديدة من المهام.
ولم تتضح معالم العلاقات بين روسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق من ناحية وبين الغرب من ناحية أخرى، واستمر الاعتراف بأهمية روسيا في المنطقة الأورو آسيوية بخلاف مجال تأثيرها في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفيتي، ويشمل ذلك إيران وكوريا والشرق الأوسط ليؤكد جهود التعاون الاستراتيجي، إلا أن عددا من الأطراف الغربية أظهرت مخاوفها بوضوح أكثر من ذي قبل في ما يتعلق بالاتجاه السياسي الداخلي في روسيا.
وقد حدث تغيرات كبرى في مسار الصراعات التاريخية برغم طول عمرها، كما في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والصراع الكشميري، فقد ظهرت بقوة الجهات غير الحكومية كفاعل أساسي في النزاعات وظهور تحديات جديدة أمام الاستجابة للنزاعات.
وفي دارفور بالسودان أوضحت التطورات التي حدثت في سنة 2005 كيف يمكن أن تعقد قابلية تغير الجهات غير الحكومية الفاعلة في حل النزاع، في حين أوضح النزاع في الشيشان الامتزاج المتكرر للعناصر السياسية في نزاعات تنخرط فيها جهات غير حكومية فاعلة، وقد كشف استمرار الاضطراب في جمهورية الكونغو كيف تواصل العنف غير الحكومي على الرغم من وجود "سلام" رسمي، وتواصل العنف في العراق دون هوادة سنة 2005 ولم تفلح التطورات التي طرأت على المؤسسات السياسية الرسمية في وقف اتساع الانقسامات الطائفية في البلاد.
وفي الحديث عن أنماط الصراعات المسلحة الكبرى يعرض الكتاب 17 صراعا كبيرا قائما في 16 بلدا، وقد انخفض عدد هذه الصراعات منذ عام 1999 بعدما وصل إلى 31 صراعا في منتصف التسعينيات، ولم يشهد عام 2005 أي صراع بين الدول، وهي ظاهرة تشكلت في السنوات الست عشرة الماضية، إذ لم يكن في أثناء ذلك سوى أربعة صراعات، إريتريا وإثيوبيا (1998 – 2000) والهند وباكستان( 1990- 1992، 1996 – 2003) والعراق والكويت (1991) والولايات المتحدة وحلفائها ضد العراق (2003)، وكان هناك 53 صراعا داخليا، منها30 صراعا على الحكم، 23 صراعا على الأرض، وكانت الولايات المتحدة طرفا وشريكا في صراعات ثلاث، هي الصراع في أفغانستان والعراق، والصراع مع القاعدة.
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
عن الغد