خطر وجنون على الطرق الخارجية وهذه الحلول
أ.د. محمد الفرجات
01-12-2024 09:39 PM
تمثل الطرق الخارجية شريان الحياة الذي يربط المدن والقرى والمناطق الصناعية ببعضها البعض، ويدعم إقتصاد البلاد بحركة التصدير والاستيراد والتجارة والسياحة، لكنها أصبحت في بعض من الأحيان مسرحًا لممارسات خطيرة تهدد الأرواح وتدمر الممتلكات. لا يقتصر الخطر على بعض الشاحنات وسيارات التزويد التي قد يقودها سائقون مرهقون، بل يمتد ليشمل السيارات العادية والدفع الرباعي التي تسير بسرعات جنونية، والمركبات التي تسير بلا لوحات، والتجاوزات المتهورة من اليمين، وعكس السير، بالإضافة إلى الحركات البهلوانية التي يقوم بها بعض السائقين بين المسارب دون أي اعتبار لقواعد المرور.
هذه السلوكيات المتهورة أدت إلى كوارث يومية تُزهق فيها الأرواح وتُستنزف فيها الموارد، مما يتطلب حلولًا جذرية وفعالة لمواجهتها.
المظاهر الخطيرة على الطرق الخارجية
1. السرعات الجنونية وحركات الاستعراض:
يعمد بعض السائقين إلى قيادة مركباتهم بسرعات مفرطة، مستعرضين مهاراتهم بحركات بهلوانية على الطرق الخارجية. هذه التصرفات لا تعرض حياة السائق فقط للخطر، بل تهدد أيضًا أرواح الآخرين.
2. عكس السير والتجاوز من اليمين:
أصبحت ظاهرة عكس السير متكررة، حيث يتجاهل بعض السائقين القوانين ويعكسون السير لتوفير الوقت، في حين يقوم آخرون بتجاوز المركبات من اليمين بسرعات هائلة، مما يؤدي إلى تصادمات قاتلة.
3. مركبات تسير بلا نمر:
غياب لوحات الأرقام عن بعض السيارات يعوق قدرة الجهات المختصة على تتبع المخالفين ومحاسبتهم، مما يشكل تهديدًا كبيرًا للأمان المروري.
4. إرهاق سائقي الشاحنات:
يخضع بعض سائقي الشاحنات والتزويد لضغوط العمل لساعات طويلة دون راحة كافية، مما يعرضهم لخطر النعاس أثناء القيادة، وقد يؤدي ذلك إلى حوادث مدمرة.
الأضرار الناتجة عن السلوكيات المتهورة
الخسائر البشرية:
تؤدي هذه السلوكيات إلى وفاة وإصابة الآلاف سنويًا، مما يترك آثارًا نفسية واجتماعية على العائلات والمجتمع.
الأضرار المادية:
تتسبب الحوادث الناتجة عن الاستهتار المروري في أضرار جسيمة بالمركبات والبنية التحتية للطرق، مما يثقل كاهل الاقتصاد الوطني.
التكاليف الاقتصادية والاجتماعية:
يشمل ذلك تكلفة العلاج والإصلاح، إضافة إلى التأثير السلبي على الإنتاجية نتيجة تعطيل حركة النقل والخدمات.
الحلول المقترحة
1. تعزيز الرقابة على الطرق:
كاميرات مراقبة حديثة:
يجب تركيب كاميرات مراقبة تغطي جميع الطرق الخارجية، لرصد السرعات الزائدة والمخالفات بشكل فوري.
تكثيف الدوريات المرورية:
وجود دوريات مرور متنقلة على مدار الساعة سيسهم في ضبط السلوكيات المخالفة وردع المتهورين.
2. زيادة الوعي المجتمعي:
تنظيم حملات توعوية شاملة تستهدف مختلف الفئات العمرية، توضح مخاطر السرعة والقيادة المتهورة على الأرواح والممتلكات.
إدخال مواد تعليمية في المناهج الدراسية حول أهمية الالتزام بقواعد المرور.
3. تشديد العقوبات القانونية:
فرض غرامات مالية كبيرة على المخالفين، تصل إلى سحب الرخصة في حالات التكرار.
إحالة المخالفين إلى المحاكم في حال ارتكابهم حوادث تؤدي إلى أضرار.
4. تنظيم عمل سائقي الشاحنات:
إصدار قوانين تحدد الحد الأقصى لساعات العمل اليومية لسائقي الشاحنات وسيارات التزويد والتوصيل، لضمان حصولهم على قسط كافٍ من الراحة.
5. وقف الجاهات والتدخلات العشائرية للتوسط للمستهترين:
التوعية بأهمية عدم التدخلات والتوسطات العشائرية التي تسعى لإسقاط الحق عن المستهترين ممن يتسببون بحوادث قاتلة أو ذات أضرار، لما لذلك من تشجيع ضمني على الاستهتار بقوانين المرور، والتشجيع على الممارسات القاتلة.
6. تشجيع التبليغ عن المخالفات:
إطلاق تطبيقات ذكية تمكن المواطنين من الإبلاغ عن المخالفات والاستهتار بسهولة.
الدور المجتمعي والمسؤولية المشتركة
يتحمل المجتمع مسؤولية كبيرة في مواجهة هذه الظاهرة. إن تساهل البعض مع المستهترين من خلال التوسط عبر الجاهات والتدخلات يعزز ثقافة الفوضى واللامبالاة بالقانون. يجب على الجميع الوقوف صفًا واحدًا ضد هذه السلوكيات الخطرة، والتأكيد على أن التوسط للمستهترين يعد تشجيعًا على القتل غير المباشر.
إن الطرق الخارجية ليست ميدانًا للسباق أو ساحة للاستعراض، بل هي مساحة يجب أن تضمن السلامة للجميع. يتحتم على الجهات المعنية اتخاذ إجراءات حازمة لتنظيم المرور وضبط المخالفين، وعلى المجتمع دعم هذه الجهود من خلال التوعية والمسؤولية الفردية. حماية الأرواح واجب وطني وإنساني، والالتزام بقوانين السير هو الضمان الوحيد لتحقيق ذلك.