قبل أكثر من 30 عاما كنت في دورة تدريبية في بريطانيا وبالتحديد في لندن وفي أحد الأيام المشمسة خرجت من الفندق اتمشى في المنطقة فوجدت حديقة عامة قريبة من الفندق ودخلت الحديقة وأخذت زاوية بعيدة منها واستلقيت على العشب مستمتعا بأشعة الشمس بعيدا عن ضوضاء المتنزهين. وأنا على هذه الحال سمعت صوتا يناديني بكلمة "Sir Sir " فالتفت إلى مصدر الصوت وإذا بطفل عمره حوالي عشر سنوات حيث اجبته نعم ماذا تريد فسألني أين عائلتك فأجبته بأنني لوحدي هنا وليس معي عائلة عندها قال لي هذه الحديقة مخصصة للعائلات ولا يحق لك الدخول إليها بمفردك اعتذرت منه وتأسفت لمخالفة تعليمات الحديقة دون قصد مني وخرجت مسرعا من الحديقة حيث قرأت على مدخلها تعليمات الإستخدام ومنها أنها مخصصة فقط للعائلات. العبرة من هذه الحادثة :

1 .تربية الأطفال على الإهتمام بالقوانين وإحترام تطبيقها

2. شعور المواطنين منذ الطفولة المبكرة بالمسؤولية العامة وتطبيقها وحث الآخرين على مراعاة القواعد العامة.

3. جرأة الأطفال النابعة من التربية وعلمهم المسبق أن الطرف الآخر الذي خالف النظام العام لن يكون رده سلبيا ولو كان الذي يُذكّر به طفل ضعيف
4. المحافظة على النظام العام وقواعده ليست مسؤولية الحكومة أو رجال الأمن فقط وإنما هي مسؤولية جميع أفراد المجتمع
5.وجود كل هذه الأمور يجعل المجتمع قويا وقادرا على التصحيح الذاتي.

6.استذكر حالنا الآن حيث تضيق صدور حكوماتنا ولا تطيق سماع صوت شباب الأمة الذين يطالبون بوسائل سلمية بالإصلاح ومحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين وتزج بهم بالسجون!

وأنا أكتب هذه السطور تذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك " وأقول سبحان الله كيف اهتدوا إلى فطرة المسؤولية الإجتماعية وطبقوها دون أن يسمعوا بهكذا توجيهات من سيد البشر ونحن نعرف ونحرف !!