تمكين الشباب مهنيًا وتقنيًا: مفتاح التنمية الاقتصادية في الأردن
د. محمد عبدالله اليخري
01-12-2024 08:34 PM
التحديات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، تبرز الحاجة الملحة إلى تمكين الشباب وتطوير مهاراتهم بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل. يشكل الشباب في الأردن نسبة كبيرة من المجتمع، لكن العديد منهم يواجهون صعوبات في الحصول على وظائف بسبب الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق. لهذا، فإن تطوير منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني يُعد خطوة استراتيجية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وقدمت جامعة الحسين التقنية نموذجاً ملهماً في هذا المجال.
الشباب: ثروة وطنية مهدرة دون التأهيل المناسب
يُعتبر الشباب من أهم موارد الدول وأكبرها أثراً في بناء مستقبلها. ومع ذلك، فإن عدم توافر التأهيل المناسب يضعف من قدرتهم على الإسهام في التنمية الاقتصادية. تعاني الأسواق المحلية من بطالة بين الشباب رغم وجود فرص عمل في قطاعات مختلفة، وهو تناقض يعود غالباً إلى افتقار الخريجين للمهارات العملية التي يتطلبها السوق.
في هذا السياق، بات من الضروري الاستثمار في التعليم المهني والتقني الذي يركز على الجوانب العملية والتطبيقية، مما يجعل الشباب جاهزين لمواجهة تحديات سوق العمل والمساهمة الفاعلة في الاقتصاد. وبالإضافة الى ذلك فتح العديد من فرص العمل لذوي الخبرات المهنية والتقنية والأكاديمية. وبالتالي تسريع العجلة الاقتصادية وفي النتيجة النمو الاقتصادي عوضا عن التضخم.
التدريب المهني في الأردن: بين التحديات والفرص
شهدت الأردن جهوداً ملحوظة لتعزيز التعليم المهني والتقني كجزء من خططها للتنمية، حيث تهدف هذه الجهود إلى تعزيز مهارات الشباب في مجالات تلبي احتياجات السوق المتجددة. ومن بين هذه الجهود، برزت جامعة الحسين التقنية ضمن مبادرات مؤسسة ولي العهد والتي يشرف على نموها وتوسعها صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ذلك الشاب الطموح الساعي الى شق الطريق بكل الصعاب لتحقيق الرفاهية والعيش الكريم لشباب الأردن. هذه المؤسسة هي مثال ناجح يُظهر كيف يمكن لمؤسسة تعليمية أن تحقق تكاملاً بين التعليم النظري والتدريب العملي، مما يُسهم في تقليل معدلات البطالة بين الخريجين والتي اثبتت ذلك مؤخرا بتشغل 100% من خريجي الجامعة.
تجربة جامعة الحسين التقنية: قصة نجاح أردنية
تأسست جامعة الحسين التقنية لتلبية حاجة ملحة في سوق العمل الأردني، حيث ركزت على تقديم تعليم نوعي يجمع بين الدراسة الأكاديمية والخبرة العملية. ومن أبرز عوامل نجاحها:
1.برامج دراسية متطورة:
تقدم الجامعة تخصصات تقنية حديثة تتماشى مع متطلبات سوق العمل العالمي، مثل الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، والطاقة المتجددة. وتُصمم هذه البرامج بالتعاون مع خبراء من القطاع الخاص لضمان مواكبتها للتطورات التكنولوجية.
2.تدريب عملي مكثف:
تولي الجامعة أهمية كبيرة للتدريب العملي، إذ يتمتع الطلاب بفرصة المشاركة في مشاريع واقعية ضمن شركات كبرى أثناء فترة دراستهم. هذه التجربة العملية تتيح لهم فهم التحديات الحقيقية لسوق العمل وتطوير حلول مبتكرة لها.
3.شراكات استراتيجية:
استطاعت الجامعة بناء علاقات قوية مع الشركات المحلية والدولية، مما ساعد على توفير فرص تدريب وتوظيف مميزة لطلابها وخريجيها.
4.نسبة تشغيل 100%:
بفضل نموذجها التعليمي المتكامل، حققت الجامعة نجاحاً مذهلاً يتمثل في تشغيل جميع خريجيها بنسبة 100% .
دروس من التجربة
تقدم تجربة جامعة الحسين التقنية العديد من الدروس التي يمكن أن تُلهم مؤسسات التعليم والتدريب الأخرى:
التعليم النظري وحده لا يكفي
أثبتت الجامعة أن الجمع بين التعليم النظري والتدريب العملي هو المفتاح الحقيقي لتأهيل الشباب. يكتسب الطلاب من خلال التدريب العملي المهارات التي تجعلهم جاهزين لدخول سوق العمل بفعالية، مما يرفع من فرصهم في التوظيف ويعزز من إنتاجيتهم.
الشراكات ضرورة وليست اختياراً
يلعب القطاع الخاص دوراً حاسماً في ردم الفجوة بين التعليم وسوق العمل. من خلال الشراكات الاستراتيجية، تمكنت الجامعة من تصميم مناهج تلبي احتياجات الشركات وتوفر فرص تدريب مباشرة للطلاب داخل بيئات العمل الحقيقية.
التكنولوجيا الحديثة هي المستقبل
في عصر الثورة الصناعية الرابعة، أصبحت التكنولوجيا الركيزة الأساسية لكل القطاعات الاقتصادية. أدركت الجامعة أهمية إعداد الطلاب في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، وإنترنت الأشياء، مما يضمن تأهيلهم للعمل في القطاعات التي تقود الاقتصاد العالمي اليوم.
التطلع إلى المستقبل
إن تجربة جامعة الحسين التقنية تُظهر كيف يمكن للتعليم المهني والتقني أن يكون عاملاً محورياً في مواجهة البطالة وتعزيز التنمية الاقتصادية. على الأردن أن يستمر في دعم مثل هذه النماذج الرائدة، مع توسيع نطاقها لتشمل قطاعات أوسع وتصل إلى شرائح أكبر من الشباب.
ما اقترحه في هذه المرحلة هو، دعوة القطاع الخاص واخص هنا الحديث القطاع الخاص المهتم في المجالات الصناعية والتقنية والمهنية بذل المزيد من الجهد اما في دعم المؤسسات القائمة او انشاء مؤسسات جديده في مناطق مختلفة في مناطق المملكة حتى تصبح الرؤية متكاملة وتأهيل اكبر قدر من الشباب وتقليل الفجوة ما بين سوق العمل والمؤسسات التدريبية والتأهيلية والتقنية بكل أنواعها صغيرة او كبيرة. ومن ناحية أخرى، ادعوا مؤسسات التدريب المهني والتقني في الأردن تسهيل إجراءات التسجيل والتأهيل والاعتماد حتى نستطيع من تحقيق حلم كل شاب طموح.
إن الاستثمار في الشباب ليس خياراً بل ضرورة حتمية لبناء مستقبل مشرق. إذا أراد الأردن أن يكون منافساً على الساحة الاقتصادية العالمية، فعليه أن يركز على تطوير منظومة تعليمية وتدريبية حديثة تُمكّن الشباب من الإبداع والمساهمة في بناء اقتصاد قوي ومستدام.
تجربة جامعة الحسين التقنية تُثبت أن هذا الهدف قابل للتحقيق عندما تتضافر الجهود بين المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص، ليكون الشباب بحق أداة للتغيير الإيجابي ورافداً أساسياً للاقتصاد الوطني.