الشيطان في ورقة الضمانات الامريكية لاسرائيل
كمال زكارنة
30-11-2024 12:25 PM
يكمن الشيطان ويتجول في ورقة الضمانات الامريكية، التي قدمتها ادارة بايدن لاسرائيل،كامتداد لاتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان واسرائيل،وتفرض تلك الضمانات شروطا صارمة على الية تنفيذ الاتفاق نفسه،وتجعل الاتفاق جزء من قيود الورقة ،والسؤال الذي يطرح نفسه ،هل الورقة تمت صياغتها والاتفاق عليها ،بالتوافق بين امريكا واسرائيل فقط ،واذا كان الامر كذلك ،هل يجوز فرضها واسقاطها على لبنان وحزب الله بهذه الطريقة الاستقوائية ،واذا كان اللبنانيون يعلمون بها ووافقوا عليها ،لماذا لا تكون ضمن الاتفاق ،ولا تشكل ملحقا للاتفااق كما هي الان.
ورقة الضمانات الامريكية لإسرائيل في اتفاق وقف اطلاق النار مع حزب الله، تقول ان إسرائيل والولايات المتحدة سوف تتبادلان معلومات استخباراتية حساسة تتعلق بالانتهاكات، بما في ذلك أي اختراق من حزب الله داخل الجيش اللبناني.
هذا يعني ،ان الولايات المتحدة سوف تتفقد افراد وضباط الجيش اللبناني فردا فردا متى ارادت،للتأكد من عدم تسلل افرادا من حزب الله الى صفوفه،الامر الذي يتطلب معرفة اسماء جميع افراد الحزب للتأكد من عدم وجود بعضهم ضمن الجيش اللبناني ،اي المعرفة الامريكية الكاملة بكل مفاصل وتفاصيل الهيكلة العسكرية للجيش اللبناني والحزب.
كما تتضمن الورقة ،حق الولايات المتحدة مشاركة المعلومات التي تقدمها إسرائيل مع أطراف ثالثة،خلال المراقبة ،اي التنسيق الامني على اعلى المستويات ،وبكل التفاصيل الدقيقة، لتمكينهم من التعامل مع الانتهاكات،فضلا عن التزام الولايات المتحدة بالتعاون مع إسرائيل لكبح أنشطة إيران المزعزعة في لبنان، بما في ذلك منع نقل الأسلحة أو أي دعم من إيران لحزب الله ،وهذا يعني محاصرة حزب الله ومنع نموه وتطوره عسكريا،وتجفيف مصادر التزويد العسكري والدفاعي والمالي للحزب .
ومن الضمانات ايضا،اعتراف الولايات المتحدة بحق إسرائيل في الرد على التهديدات القادمة من الأراضي اللبنانية،وبطبيعة الحال ان اسرائيل هي التي ستقرر شكل وحجم وطبيعة ووقت التهديدات وكيفية الرد عليها ،مما يجعل وقف اطلاق النار ،العوبة بيد جيش الاحتلال.
وفي المنطقة الجنوبية، تحتفظ إسرائيل بحقها في التحرك في أي وقت ضد الانتهاكات للالتزامات،اما خارج المنطقة الجنوبية، تحتفظ إسرائيل بحقها في التحرك ضد تطور التهديدات الموجهة إليها إذا لم تستطع أو لم ترغب لبنان في إحباط هذه التهديدات، بما في ذلك إدخال أسلحة غير قانونية إلى لبنان عبر الحدود والمعابر،الامر الذي يضع الجيش اللبناني في موقف محرج،فاما ان يتصدى هو لما تزعم اسرائيل بأنها انتهاكات للالتزامات الواردة في اتفاق وقف اطلاق النار،او يقوم جيش الاحتلال بهذه المهمة ،ومهاجمة حزب الله.
وتتضمن ورقة الضمانات الامريكية ،الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق لبنان لأغراض الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع فقط،وهذا انتهاك صارخ وواضح للسيادة والاجواء اللبنانية ،ومخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي في هذا المجال ،ومن بين الضمانات ايضا اذا قررت إسرائيل اتخاذ مثل هذه الخطوات،فانها ستبلغ الولايات المتحدة بذلك في كل حالة ممكنة،وستُنفذ الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق لبنان لأغراض الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع فقط، وستكون غير مرئية للعين المجردة قدر الإمكان، ولن تكسر حاجز الصوت ،حيث تقوم أقمار صناعية امريكية بمراقبة كل ما يجري في جنوب لبنان،وهل يوجد فرق بين المراقبة الامريكية والمراقبة الاسرائيلية ،باتأكيد لا،فهما يكملان بعضهما البعض.
ضمانات كلها لصالح اسرائيل،تمنحها صلاحيات امنية وعسكرية ،ومراقبة دائمة لتحركات الجيش اللبناني وقوات حزب الله داخل الاراضي اللبنانية،وتضع كل مساحة لبنان تحت المجهر ،وترصد كل ما يدخل الى لبنان ويخرج منه ،ولا تعطي في المقابل للبنانيين اي حق في مراقبة تحركات جيش الاحتلال ،لا في الاراضي اللبنانية ولا داخل فلسطين المحتلة،الامر الذي يجعل لبنان هو الجهة المعتدية امام القانون الدولي ،وهذا افتراء واضح ومكشوف لان المعتدي هي اسرائيل بمساعدة امريكا وبعض الدول الاوروبية.