حين يصبح الأنين على العدسات .. ويصمت التعفف تحت وطأة الحاجة ..
محمود الدباس - ابو الليث
28-11-2024 10:39 PM
في إحدى الزوايا المنسية من هذا الوطن.. جلست مسنّة تشكو حالها إلى الله.. لا مأوى ولا سند.. لا يد تمتد لتخفف عنها حمل العمر الطويل ولا كتف تسند عليه أحمالها الثقيلة.. وحين شاء القدر أن تلتقط عدسة إعلامي أنينها.. هبّت الدولة لنجدتها.. فاستجاب رئيس الوزراء وأمر بتأمينها بمأوى لائق.. هنا.. نجد صورة للمسؤول الذي لا يتأخر عن تلبية النداء حين يصله.. ولكن..
ماذا عن أولئك الذين لا تسعفهم عدسات الإعلاميين.. ولا تصل أصواتهم إلى آذان المسؤولين؟!.. وماذا عن مئات او آلاف المسنّين والمحتاجين الذين يئنون في صمت.. خلف أبواب موصدة.. وتحت سقوف تتهالك؟!.. هل من طريق يصل صوتهم دون أن يخرجهم من حدود التعفف؟!..
وزارة التنمية الاجتماعية.. تلك التي وُجدت لتكون عيناً ترى.. وأذناً تسمع.. وقلباً ينبض مع المحتاج.. لماذا غاب دورها؟!.. لماذا لم تكن سبّاقة لتلقف أنين هذه المسنّة.. قبل أن يصل إلى وسائل الإعلام.. أو حتى لرئيس الوزراء؟!.. أليس من واجبها أن تكون الرادار الذي يلتقط إشارات الحاجة.. قبل أن تتحول إلى صرخات؟!..
يا دولة الرئيس.. جميل أن نسمع عن استجابتك السريعة لهذه الحالة.. ولكن.. الأجمل أن نؤسس لنظام يرصد كل أنين قبل أن يصل إلى الإعلام.. نظام يحفظ الكرامة ويصون التعفف.. نظام يجعل كل محتاج يشعر بأن هناك من يراه.. ويهتم لأمره.. دون أن يضطر لعرض أوجاعه على الملأ..
في ظل مجتمعنا.. تتكاثر الأسئلة الثقيلة.. كيف يصل الحال بمواطن أردني لأن يفقد سقفاً يأويه؟!.. كيف تفرط المؤسسات بواجبها الأساسي تجاه هؤلاء؟!.. أين هي الأيدي التي تمتد لتزرع الرحمة.. قبل أن تجني الامتنان؟!..
يا دولة الرئيس.. تذكر أن مسؤوليتك هي أمام الله.. قبل أن تكون أمام الناس.. وأن كل من يعيش على هذه الأرض أمانة في عنقك..
واعلم أن دعوات المظلومين والمحتاجين لا تُحجب.. وهي أسرع إلى السماء من أي خبر يُنشر.. فلنحذر غضب الله.. حين تضيع حقوق هؤلاء.. ولنتذكر مقولة الفاروق عمر بن الخطاب.. الذي خشي من أن يُسأل عن تقصيره في تمهيد الطريق لبغلة.. اذا ما عثرت في أرض العراق..
علينا اليوم أن نعيد بناء جسور الثقة بين الحكومة والمواطن.. وأن ننشئ منظومة حقيقية.. تحترم الإنسان.. وتحفظ كرامته.. فالوطن لا يُقاس بقوة اقتصاده فقط.. بل بمدى احترامه لضعف أبنائه.. واحتوائهم برحمة وكرامة..