هل تنجح الحكومة بإعادة الاعتبار للدولة؟
د.مهند مبيضين
01-06-2011 06:17 AM
إعادة الاعتبار للناس والدولة بما يحقق العدالة، هي المعضلة الحقيقية التي يواجهها رئيس الوزراء معروف البخيت. والعودة عن الخطأ والفوضى التي تسببت بها المؤسسات والهيئات المستقلة فضيلة تكفر عن ذنب ارتكب بحق الدولة والخلق، من قبل الحكومات السابقة.
لو نظرنا إلى عدد المؤسسات في المملكة مقارنة بعدد السكان، لوجدنا أن العدد كبير جدا. وبالرغم من أن معظم هذه المؤسسات جاءت أو أسست بصفتها المستقلة لتحقيق تحول اجتماعي واقتصادي وإصلاح إداري، إلا أنها لم تحقق أرباحا تذكر، أو تحدث أثرا مباشرا، بل على العكس هي تخسر سنويا وتعيش بالأساس من الدعم الحكومي والقروض الخارجية والمحلية والمنح، لذا فإن الهدف من وجود جلها انتفى ولم يبق لها إلا تشغيل أولاد الذوات، وتشكيل فيلق من المفوضين يتلقون مرتبات خيالية.
مثلا، هناك هيئة اعتماد لمؤسسات التعليم العالي تنشغل بعدد الطلبة في الأقسام، ونسبة الطلبة إلى الأساتذة، والتثبت من اكتمال ملفات أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، والمساحة المترية المربعة للمختبرات. وعمل الهيئة يقوم على اعتماد الجامعات وكليات المجتمع المتوسطة. وحسب موقعها الالكتروني، هناك مركز وطني للاختبارات مهامه مشابهة لأي مركز يمكن أن يقام في أي جامعة وينهض بذات المهام.. إلخ. وجل أعمال الهيئة يمكن أن تنهض بها الجامعات ذاتها بتحسين شروط البيئة والبنية وتوثيق أمورها الورقية. وكل ما في الهيئة يمكن أن يكون دائرة ملحقة بوزارة التعليم العالي. ولو قالوا بضرورة استقلالية مؤسسات التعليم العالي، فهذا أمر يثبت عكسه كل يوم، فالجامعات غير مستقلة ولا تقوى على ذلك ما دامت بحاجة لدعم الحكومات.
هناك أمثلة عديدة لهيئات أخرى، مثل هيئة تنظيم قطاع الطاقة النووية، وثمة هيئة لتنظيم الإشعاع النووي، وهذه يمكن أن تلحق بوزارة الطاقة. ولربما لو أعدت خريطة بالهيئات المستقلة لوجدنا أنها تفوق عدد الوزارات.
أول من أمس خرج رئيس الوزراء في مؤتمره الصحافي للحديث عن إعادة الهيكلة والدمج للمؤسسات، وهو تصحيح لازم وضروري وملح لوقف الهدر والضحك على الناس والاستهتار الذي تم، وإعادة تجميع دومينو الدولة الذي مزقته تلك المؤسسات.
وحين استعرض الرئيس المؤسسات التي سيتم دمجها في قطاعات مختلفة في الشباب والصحة والغذاء والتأمين والجمارك والتدريب الوطني، إلى جانب إلغاء استقلالية بعض المؤسسات ومنها المعهد الدبلوماسي وشركة تطوير العقبة، ودمج الشباب والثقافة في وزارة خاصة، وإلغاء صندوق البريد، بدا وكأنه يتحدث عن دولة أخرى، فالمؤسسات التي تحدث عنها لا تعني مباشرة المواطنين بقدر ما تعني الفئات الضيقة المستفيدة منها والعاملين بها، ودمجها وعودتها لجادة الصواب يحمل قرار إدانة لما جرى سابقا من ولادة غير شرعية ونفخ لجهاز الدولة الإداري. لذا، يجب توفير كل سبل النجاح لتوجه الحكومة، لأن ما سيتم هو رد اعتبار وثورة على البنية الإدارية لجهاز الدولة بأكمله.
بعد مؤتمر البخيت وتوجهاته سيجري وضع العصي في الدواليب؛ سيتحدث البعض عن اختلاف الاختصاص بين ما دمج، وسيتحدث عن الحق في ذلك، لكن المهم أن يجري ما ذهب إليه الرئيس في أسرع وقت، لأنه لو انقضت الحكومة ولم تنجز مهمتها لتوقف الأمر، ولولدت مؤسسات أخرى جديدة تنبثق عن الموجودة حاليا، لأن تحصين المؤسسات المستقلة التي ستنجو سيتم بزيادة تكاثرها لاحقا، مما يخلق صعوبة في مجرد التفكير في دمجها.
mohannad.almubaidin@alghad.jo
الغد