الشهيد وصفي التل رمز الانتماء للأردن وهويته
الدكتورة ميس حياصات
28-11-2024 03:41 PM
في ذكرى استشهاد وصفي التل، نستذكر رجلاً استثنائياً ترك بصمة عميقة في تاريخ الأردن وشعبه، وأصبح رمزاً للانتماء الحقيقي للوطن وللقضايا العربية الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وصفي التل، ابن الأردن بكل تفاصيله، جسّد روح الانتماء والهوية الوطنية الأردنية بأصدق معانيها.
وصفي التل لم يكن مجرد سياسي أو إداري في الدولة الأردنية، بل كان نموذجاً للمسؤول الوطني المخلص الذي يفهم حاجات الشعب ويسعى إلى تحقيق التنمية والكرامة للجميع. نشأ في بيت وطني، حيث كان والده شاعر الأردن مصطفى وهبي التل (عرار) من أوائل من زرعوا في وجدانه حب الأرض والالتزام بقضايا الأمة، وكان وصفي يعبّر عن الهوية الأردنية بثقة، رابطاً إياها بالتاريخ العربي والإسلامي، دون أن يتخلى عن خصوصيتها وتفردها، فإنجازاته الداخلية بناء الدولة وتعزيز التنمية خلال فترات توليه رئاسة الوزراء، سعى وصفي إلى بناء الدولة الأردنية الحديثة على أسس متينة. من أبرز إنجازاته :
في مجال الزراعة والاكتفاء الذاتي : كان وصفي يؤمن بأن الزراعة هي العمود الفقري للأردن، وسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وتقليل الاعتماد على الخارج فقد أطلق العديد من المبادرات لتحسين الإنتاج الزراعي وتطوير القرى.
أيضًا من انجازاته تعزيز سيادة القانون : كان وصفي رائدًا في بناء مؤسسات الدولة وتطوير قوانين تعزز العدالة وتحدّ من الفساد والمحسوبية.
كذلك اهتمامه بالتعليم والبنية التحتية : أولى التعليم أهمية خاصة، باعتباره أساس بناء الإنسان والمجتمع. كما عمل على تحسين الطرق وشبكات المياه والطاقة لدعم الاقتصاد الوطني.
أما بخصوص القضية الفلسطينية، فلم تكن القضية بالنسبة لوصفي التل مجرد قضية مجاورة، بل اعتبرها جزءاً من الهوية الوطنية الأردنية والقومية العربية؛ فقد كرّس جهوده لدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وعمل على تعزيز قدرة الأردن على التصدي لأي محاولات للهيمنة أو التفريط بالأرض.
كان وصفي يرى أن القضية الفلسطينية لا يمكن حلها إلا من خلال النضال الحقيقي القائم على التخطيط والمقاومة المنظمة، بعيداً عن الشعارات الفارغة؛ فعمل على تعزيز التنسيق بين الجيوش العربية وتنظيم الجهود لمواجهة الاحتلال، إلا أن مواقفه الجريئة والصريحة، خصوصاً تجاه أي تقصير عربي في القضية، جعلته مستهدفاً من أعداء الأمة.
استشهاده خسارة وطنية؛ ففي 28 نوفمبر 1971، اغتيل وصفي التل في القاهرة أثناء حضوره اجتماعاً للقادة العرب. كان اغتياله صدمة للأردن ولكل من آمن بوطنيته ومشروعه العربي، لكن ذكراه لم تندثر، بل بقيت خالدة في نفوس الأردنيين، كرمز للوفاء للوطن وللقضية الفلسطينية.
نعم، وصفي التل لم يكن مجرد قائد، بل كان مدرسة في الوطنية والانتماء، علّم الأردنيين معنى التضحية والإخلاص، ورسّخ فيهم الإيمان بأن بناء الوطن يتطلب عملاً دؤوباً ونية صادقة، وفي ذكراه، نستلهم عزيمته ونستذكر حلمه الذي يستحق أن نواصل السعي لتحقيقه، حلم الأردن القوي المستقل الذي يحمل هم الأمة العربية ويدافع عن حقوقها بلا تردد.
رحم الله وصفي التل، وجعل ذكراه حافزاً للأردنيين؛ للاستمرار في بناء وطنهم، وحماية هويتهم، ودعم قضايا أمتهم.