إدارة العمل الثقافي والإعلامي
أكرم الزعبي
28-11-2024 02:51 PM
تعتبر الإدارة أهم مقومات نجاح العمل الجماعي، فالإدارة الحصيفة هي الإدارة القادرة على وضع الخطط والبرامج والاستراتيجيات، مكانيًا وزمانيًا، وتحديد آليات تنفيذها، ضمن الإمكانات المالية والبشرية المتوفرة لها، للوصول إلى الأهداف المرجوّة.
الإدارة بهذا المفهوم تحتاج إلى مدير ناجح، والمدير الناجح يستلزم بالضرورة أن يكون قائدًا، فلا إدارة من دون قيادة تستطيع اتخاذ القرارات وتنفيذها وتحمّل نتائجها، لأنّ المدير الذي يخاف من اتخاذ القرارات سيراوح مكانه، ولن تكون لديه القدرة أبدًا على النهوض بإدارته وإنجاحها.
العمل الثقافي والإعلامي لا يخرجان عن هذا الإطار، لا بل إنّهما قد يكونا على رأس الهرم، لأنّ على القائمين على العمل الثقافي والإعلامي أن يكونوا نموذجًا للإدارات المختلفة على مستوى الدولة، فالتحديّات الثقافية والإعلامية كثيرة ومتشابكة ومعقّدة، في ظل ثورة تكنولوجية متسارعة عززت من منظومة التفكّك الشامل للقيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية، وساهمت بشكل كبير في إحداث تغييرات جذرية ثقافية أدّت إلى ما يمكن تسميته بالانفصام المجتمعي بين ما هو (وطني) وما هو (عالمي)، وبين ما هو (ما له حدود) و (ما ليس له حدود).
التغيّر الحاصل في نمط التفكير، أدّى إلى تغيّر في نمط الحياة، وأدّى إلى فجوة هائلة بين جيلين يعيشان تحت سقف واحدٍ أحدهما كلاسيكي والآخر حداثي، وباءت كل محاولات ردم هذه الفجوة أو تقليصها لغاية اللحظة بالفشل.
لو كان الأمر يقتصر على ما تحت سقف البيت لكان الأمر هيّنًا، إلّا أنّ خروج هذه الفجوة إلى السطح يجعل منها قضية مجتمعية خطيرة، فعلى سبيل المثال فقط، كانت آفة المخدرات محدودة، لكنها الآن تكاد تغزو كل مدينة وقرية، تلك القرى التي كانت آمنة من تبعات العولمة، وكانت تحتفظ بآخر ما لديها من قيم وأعراف متوارثة عبر مئات السنين.
هنا يبرز دور الثقافة للحفاظ على المجتمع الوطني من التفكك والجريمة، وهنا تظهر مسؤولية الإعلام في نشر الوعي والمخاطر المترتبة على هذه المشكلة، وهنا تمامًا تصبح المسؤولية مشتركة بين الإعلامي والثقافي، الأمر الذي يستلزم فهمًا حقيقًا للمشكلات المجتمعية والإحاطة بها، وإدارة ثقافية إعلامية واعية لهذه المشكلات، وقادرة في نفس الوقت على اجتراح الحلول.
*أكرم الزعبي /رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين السابق.