في تأبين عميد رؤساء الوزراء الأردنيين .. زيد الرفاعي
السفير الدكتور موفق العجلوني
28-11-2024 01:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم " مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا " صدق الله العظيم
وأنا التقي في هذا اليوم مع حشد مهيب للمشاركة في حفل تأبين رجل دولة عزيز علينا، وعدد من أصحاب السمو الأمراء والأميرات ورئيسي مجلسي الأعيان والنواب ورئيس الديوان الملكي الهاشمي ورؤساء الوزارات السابقين وعدد من الوزراء والأعيان والنواب والسفراء ورجالات الدولة نقف جميعًا وقفة احترام وتقدير لشخصية كبيرة قدمت لوطننا الأردن الحبيب الكثير الكثير، وأفنى جزءًا كبيرًا من حياته في خدمة الأردن العزيز. حيث بدأ عمله رئيساً للتشريفات الملكية عام ١٩٦٤ واميناً عاماً للديوان الملكي ورئيساً للديوان الملكي وسفير للأردن في المملكة المتحدة عام ١٩٧١ وعضواً ورئيساً لمجلس الاعيان منذ عام ١٩٧٨ عدة دورات ولغاية ١٩٩٧ ورئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع منذ عام ١٩٧٣– ١٩٨٥ الى ان اعتزل العمل السياسي بتاريخ ١٢/١٢/٢٠٠٩. إنه المغفور له بإذن الله، دولة المرحوم زيد الرفاعي أبو سمير.
نعم كما قال سمو الامير الحسن حفظه الله في حفل تأبين عميد وشيخ رؤوسا الوزراء الأردنيين غادرنا زيد الرفاعي، رجل المهمات الصعبة والمواقف الجريئة، رئيس الحكومات والوزارات وسليل عائلة عريقة في العمل السياسي والدبلوماسي، بعد حياة حافلة بالعطاء والعمل في خدمة الأردن الذي نُحِب.
نعم رحل أحد رفقاء درب الحسين، رحمه الله، بعد أن خدم في الميادين السياسية والدبلوماسية قرابة نصف قرن من الزمان، كان رحمه الله من الفاعلين في عملية البناء والتطوير، وأنفق سنوات عمله في المضمار السياسي في الإسهام في رفعة الأردن وإعلاء اسمه في المحافل الدولية، وها نحن ذا نرى المسيرة الطيبة تتواصل من خلال الأبناء والأحفاد.
وكما أشار مندوبا عن جلالة الملك عبد الله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبد الله، حفظهما الله، ان تكون رئيسا للوزراء أربع مرات وسفيرا ووزيرا وأمينا عاما للديوان ورئيسا للديوان الملكي الهاشمي ورئيسا لمجلس الأعيان لعدة دورات وحاصلا على العديد من الأوسمة بما في ذلك وسام محبة الأصدقاء وكل من عرفك يعكس بأن الفقيد رجل دولة وطنية من القامات الكبيرة.
نعم، وكما أشار معالي رجائي الدجاني، الفقيد الرفاعي السياسي والدبلوماسي الكبير الذي رافق المرحوم بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال في مسيرته الطويلة بحلوها ومرها وكان الرفيق المخلص الذي آمن بالأردن ورسالة الهاشميين، وعرف في أوساط الأردنيين بأنه الرفيق الأقرب لجلالته، وأنه من ألمع السياسيين الذين اكتسبوا ثقة الملك ومحبته وتقديره واتسموا بالشجاعة والإقدام في كل المواقع التي شغلوها وتمتعوا بصدق الولاء للعرش والجرأة في الدفاع عن مصالح الأردن وشعبه العظيم.
نعم غادرنا زيد الرفاعي، رجل المهمات الصعبة والمواقف الجريئة، رئيس الحكومات والوزارات وسليل عائلة عريقة في العمل السياسي والدبلوماسي، بعد حياة حافلة بالعطاء والعمل في خدمة الأردن الذي نُحِب.
لقد كان دولة المرحوم زيد الرفاعي نموذجًا للإنسان المسؤول، الذي جسد بأفعاله معنى الوفاء لوطنه وقيادته وشعبه. مسيرته الحافلة بالعطاء، التي امتدت لسنوات طويلة، كانت مليئة بالإنجازات التي لم تقتصر على السياسة فقط، بل شملت أيضًا العطاء الاجتماعي والإنساني.
لقد أسهم دولة المرحوم أبو سمير في تعزيز استقرار اردننا الحبيب من خلال مسيرته العطرة في معية المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه وفي أحلك الظروف، وكان رمزًا للصدق والأمانة في العمل العام. في كل مرحلة من مراحل حياته، وكانت أولويته الأولى هي خدمة الشعب الأردني وتعزيز مكانة الأردن على الساحة العربية والإسلامية والإقليمية والدولية.
لا يمكننا أن ننسى دوره البارز في تعزيز دولة المؤسسات، وتقوية النظام البرلماني والقضائي كما أشار عطوفة رئيس المحكمة الدستورية محمد الغزو في كلمته في حفل التأبين. وكذلك في تبني سياسات تشجع على التقدم والازدهار. كان شخصية قادرة على مواجهة التحديات بثبات وحكمة، وكان يعرف كيف يوازن بين مصلحة الوطن ومصلحة المواطن.
كان أبو سمير، رحمه الله، مثالا للسياسي والدبلوماسي والقدوة والمثل الأعلى صاحب القلب الكبير، الذي يمتلئ مروءة ورجولة ووجاهة، كيف لا وهو ابن عائلة كريمة كابر عن كابر رفيق درب ابو عبد الله طيب الله ثراه، له حضوره الاجتماعي والسياسي، وحمل إرثا وطنيا وعروبيا كبيراً .
لقد أسهم المرحوم أبو سمير في بناء الأردن وتطويره، وقدم الكثير من التضحيات من أجل رفعة هذا الوطن العزيز. وقد ترك وراءه إرثًا من الحكمة والإرادة الصلبة، التي شكلت علامة فارقة في تاريخ الأردن المعاصر. والتي تمثلت بالابن البار لوالديه ووطنه سمير زيد الرفاعي. لقد تابع الابن سمير بكل جد وامانة وإخلاص، نهج والده في خدمة الأردن، وفي خدمة القيادة الهاشمية، وواصل مسيرته بحكمة وعزيمة، وقدم العديد من المبادرات بتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله، والتي تعكس التزامه العميق بمصلحة الوطن والمواطن. كان سمير الرفاعي دومًا يحمل في قلبه إرث والده الكبير، ويستمد منه القوة والإلهام في قيادة المسيرة الوطنية. ففي كل موقع تولاه، سواء كان رئيسًا للوزراء أو في أي منصب آخر، كان يسعى لتحقيق رؤى والده الراحل الكبير، وكانت يديه ممتدة دومًا للعمل من أجل تحسين حياة الأردنيين، وإحداث تغييرات إيجابية تؤثر في المجتمع بكافة قطاعاته.
ولا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن نذكر دور، السيدة الفاضلة، ام سمير، التي كانت دائمًا الجندي المجهول في حياة أسرتها. لقد كانت السيدة الكريمة، بمواقفها الثابتة ودعمها المستمر، عنصرًا رئيسيًا في تقديم القوة والدعم لزوجها المرحوم زيد الرفاعي في مسيرته، وكذلك كانت الداعم الأول والمساند الدائم لابنها دولة سمير الرفاعي. فكل نجاح تحقق، وكل خطوة نحو المستقبل، كانت في كثير من الأحيان نتيجة للثبات العاطفي والروحي الذي قدمته والدته من خلال تشجيعها وإيمانها العميق برسالة أسرتها.
اليوم، ونحن نشارك في حفل تأبين فقيد الأردن الكبير، المغفور له بإذن الله، دولة المرحوم زيد الرفاعي، نقف وقفة إجلال أمام مسيرة وطنية حافلة بالعطاء. فقد كان المرحوم زيد الرفاعي أحد أبرز الرجال الذين خدموا وطنهم بإخلاص وتفانٍ طوال مسيرتهم، وكان له دوره الى جانب المرحوم الملك الحسين طيب الله ثراه.
لقد كان المرحوم زيد الرفاعي رفيقًا وصديقًا مخلصًا للمرحوم الملك الحسين بن طلال، رحمه الله. حيث شهدت العلاقة بينهما تعاونًا وثيقًا ومتينًا في خدمة هذا الوطن. كان المغفور له دولة زيد الرفاعي في طليعة الشخصيات التي وقفت إلى جانب الملك الحسين في مختلف مراحل تاريخ الأردن المعاصر، وخاصة في الأوقات التي كانت تحتاج إلى الحكمة والصبر. كان دائمًا إلى جانب جلالته، يقدم المشورة السديدة، ويدعم القرارات التي تهدف إلى تعزيز استقرار الأردن، وصون أمنه ورفعته..
ومن خلال معرفتي وعلاقتي بدولة الأخ سمير الرفاعي، فقد لمست اثناء تقديم واجب العزاء بوفاة والده وانا اصافح الأخ سمير ما كان يملك في قلبهِ من الحبِّ والعطفِ والحنان تجاه سمير وكل العائلة، كان ككلّ الآباء؛ يخصّ الصغيرَ بالحبِّ حتّى يكبر، والمريضَ حتّى يشفى، والغائبَ حتّى يعود. زرع في حبّ الوطن وترابه والانتماء له، وحبّ الهاشميين وحب الجيش واجهزتنا الأمنية بوصفها عماد وعتاد هذه الوطن الغالي ولذود عن حماه.
وما أن أوشك حفل التأبين على الانتهاء بعد ان قام العديد من الشخصيات المحبة للمرحوم زيد الرفاعي بإلقاء كلمات مؤثرة عبرت بصدق عن تاريخ زيد الرفاعي الحافل بالعطاء والتضحية والترفع عن صغائرالامور من اجل الوطن وقائد الوطن ومواصلة مسيرة البناء حتى بعد اعتزاله السياسة. حتى اطل علينا ذاك الشبل من ذاك الأسد " سمير زيد الرفاعي " بكلمات مؤثرة ذرفت لها دموع المحبين وهو يخاطب الحشود الكبير في قصر الثقافة بمدينة الحسين الرياضية بالقول:
" أقفُ اليوم، بينكم، امتناناً وعرفاناً، وقد طوّقت الأسرةُ الأردنية الواحدةُ أعناقَنا، بمشاعرَ صادقةٍ كريمةٍ، خفّفت مصابَنا، وكانت لنا خيرَ عزاء، في فقدِنا الوالدَ الغالي.. لقد لمسنا بكل ما في الكلمةِ من دفءٍ ومودة، معنى الأسرةِ الواحدة الكبيرة المتكافلةِ؛ الأسرةِ التي أعزّها الباري سبحانه وتعالى، بخير قيادة وخيرِ جُندٍ؛ على أرضٍ باركَ اللهُ فيها، وأقسمَ بتينِها وزيتونِها، وضمّ ثَراها الطهورُ أنبياءَ الله ورسالاتِه وأولياءَه وصحابَةَ نبيّه الأمين.هذه الأسرةُ الواحدة، يجسّدُها، اليوم، جمعُكم الكريم، الذي يشرّفُنا بحضور هذا اللقاء، في ذكرى ابنٍ بارٍّ من أبناءِ الأردن المنيع، أردنيٍ نذرَ روحَه وحياتَه وجهدَه وعملَه، لخدمة الأردن الغالي وقيادتِه المباركة وشعبه النبيل، فعاش وقضى، جندياً مخلصاً، وما بدّل تبديلاً..
كان والدي، رحمه الله، واحداً من أبناءِ جيلِه، ومن ثقافةِ جيله ومن وعي جيلِه؛ جيلِ الحسينِ بن طلال، طيب الله ثراه... جيلٍ أدرك أن حجمَ الأردن لا يُقاسُ بمساحتِه ولا بعديدِ سكانِه ولا بمواردِه، ولكن؛ بعزيمته ورسالتِه وهِمّةِ أبنائه. نشأ والدي مؤمناً بالله عز وجل، ومتشبّعاً فكرَ العروبةِ ومبادئَها، ومنتمياً لخطابِ النهضة العربية الكبرى، الذي قامت على أساسِه الدولةُ الأردنيةُ الحديثة، داراً للعزّ والكرامةِ، وسنداً لقضايا الأمة ووطناً يستحقه الأردنيون، الذين قدموا الغالي والنفيسَ في مُعتركِ البناء والتضحية، فكانَ الأردنُ، زنوداً تحمي وسواعدَ تبني، وحكايةَ نجاحٍ وكبرياء.
نقفُ إجلالاً واحتراماً لهذا الجيلِ المخلصِ الذي سلّم الرايةَ والأمانةَ لجيلِ عبد الله الثاني ابن الحسين، حفظه الله وأيده بنصره المبين، ليواصلَ خلفَ قيادةِ جلالتِه الحكيمة، مسيرةَ التحديثِ والعزمِ والأمل؛ وليبقى عَلمُ الأردنِ، أبدَ الدهر، "خافقاً في المعالي والمني، عربيَّ الظِلال والسّنا، زاهياً أهيباً، ظافراً أغلبا"، بعون الله، وبهمّة الأردنيين والتفافِهم حول قيادتِهم الهاشمية المظفرة.
أقفُ اليوم، بينكم، امتناناً وعرفاناً، وقد طوّقت الأسرةُ الأردنية الواحدةُ أعناقَنا، بمشاعرَ صادقةٍ كريمةٍ، خفّفت مصابَنا، وكانت لنا خيرَ عزاء، في فقدِنا الوالدَ الغالي.. لقد لمسنا بكل ما في الكلمةِ من دفءٍ ومودة، معنى الأسرةِ الواحدة الكبيرة المتكافلةِ؛ الأسرةِ التي أعزّها الباري سبحانه وتعالى، بخير قيادة وخيرِ جُندٍ؛ على أرضٍ باركَ اللهُ فيها، وأقسمَ بتينِها وزيتونِها، وضمّ ثَراها الطهورُ أنبياءَ الله ورسالاتِه وأولياءَه وصحابَةَ نبيّه الأمين.هذه الأسرةُ الواحدة، يجسّدُها، اليوم، جمعُكم الكريم، الذي يشرّفُنا بحضور هذا اللقاء، في ذكرى ابنٍ بارٍّ من أبناءِ الأردن المنيع، أردنيٍ نذرَ روحَه وحياتَه وجهدَه وعملَه، لخدمة الأردن الغالي وقيادتِه المباركة وشعبه النبيل، فعاش وقضى، جندياً مخلصاً، وما بدّل تبديلاً."
وختاماً نرفع الدعاء لله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وأن يوفق دولة سمير الرفاعي وأسرته الكريمة في مواصلة الطريق الذي بدأه والدهم، ويُبارك خطواتهم في خدمة الوطن.
وداعًا دولة المرحوم زيد الرفاعي، ووداعًا لكل الأبطال الذين قدموا من أجل هذا الوطن العزيز. إن ذكراك ستظل حية فينا، وإن إرثك سيظل مصدر إلهام لنا جميعًا.
* السفير الدكتور موفق العجلوني
muwaffaq@ajlouni.me