واد الرمم (طريق الجِمال): حلمٌ سياحي يتناغم مع تاريخ عمان
مصطفى القرنة
28-11-2024 12:51 PM
أين وزارة السياحة وأين امانة عمان ؟ ، هنا يوجد شارع تاريخي له من الأبعاد الثقافية ما يفوق التصور، هو "طريق الجِمال" أو واد النصر أو واد الرمم الذي يربط بين العديد من المعالم التاريخية التي شهدت أحداثًا فارقة في تاريخ الأردن والمنطقة. من بني عمون مرورًا باليونان والرومان، وصولًا إلى العصور الإسلامية والعثمانية، يبقى هذا الطريق شاهدًا على تطور المدينة والحضارات التي مرّت عليها. ورغم أهميته التاريخية العميقة، فإنه يفتقر حاليًا للكثير من المقومات التي قد تجعله مقصدًا سياحيًا يتماشى مع غنى تاريخه. فهل يمكن أن تتحول هذه الأمنية إلى حقيقة؟
إن فكرة تحويل "طريق الجِمال" إلى مسار سياحي هو حلم قد يبدو بعيدًا، لكنه ليس مستحيلاً. بداية، يمكن لأمانة عمان أن تبدأ بوضع لوحات تعريفية توثق كل محطة من محطات التاريخ التي مرّ بها هذا الطريق. على سبيل المثال، يمكن إحياء "معركة الجسور العشرة"، التي وقعت بين العثمانيين والإنجليز وحلفائهم في أجواء الحرب العالمية الأولى. هذه المعركة، التي دارت في محيط المنطقة، يمكن أن تُصبح محطة سياحية بارزة يتم من خلالها سرد قصصها من خلال لوحة تعريفية تنقل الزوار إلى تلك الحقبة الزمنية الهامة.
ولعل الفكرة الأكثر إثارة تتمثل في تحويل منطقة الجسور العشرة إلى معلم سياحي بحد ذاته، بحيث يمكن للأهالي والزوار أن يتجولوا عبر ممرات تاريخية يتعرفون خلالها على العراقة التي مرّ بها هذا المكان، مع سرد حكائي يربط التاريخ بالعصر الحديث. كما يمكن إحداث مرجعية تاريخية لسكك حديد الحجاز، التي كانت قد امتدت سابقًا إلى هذه المنطقة، وتوفير ممشى سياحي على طول السكة القديمة، ليصبح الزوار قادرين على المشي في مسارات تعكس ماضي المكان وتاريخه الحافل.
في ظل هذه الأفكار، لن يقتصر المشروع على سرد تاريخ الشارع، بل يمكن كذلك تحويل الأرض الفارغة المجاورة له إلى متحف صغير يروي قصة هذا الطريق العريق. يُمكن أن يعرض هذا المتحف مقتنيات من العصور المختلفة، بدءًا من الحجارة الرومانية التي جلبها الجنود في عرباتهم، وصولًا إلى الصور القديمة للعثمانيين والأنجليز الذين مروا بهذا الطريق. بذلك، سيصبح "طريق الجمال" ليس مجرد شارع عادي، بل سيمثل نقطة التقاء بين الماضي والحاضر.
تخيلوا أنه عندما يسير الزوار على هذا الطريق، ستجدهم أمام جسور قديمة تحتضن كل واحدة منها ذكرى معركة أو حدث تاريخي. سيشعر الزائرون وكأنهم يسيرون عبر الزمن، يلمسون كل طبقة من طبقات التاريخ التي مرت على هذا الطريق. وإضافة إلى ذلك، يمكن تطوير ممرات تربط الأماكن التاريخية ببعضها البعض، مثلا عين غزال ورأس العين وتوفير جولات سياحية تعرض التحولات التي مرّ بها الشارع عبر العصور المختلفة.
إن هذه الأفكار لا تقتصر على حلم شخصي، بل قد تشكل رؤية مستقبلية يمكن أن تساهم في تعزيز السياحة في عمان، وتفتح نافذة جديدة لرؤية تاريخ المدينة عبر عيون الزوار، حيث يتحول "طريق الجمال" من مجرد شارع إلى تجربة تاريخية وسياحية غنية، تزدهر بجمالها وأصالتها.