وصفي التل: رمز للوطنية والمسؤولية وإرث خالد في ذاكرة الأجيال
د. تمارا زريقات
28-11-2024 11:43 AM
اقترن اسم وصفي على الدوام في نفوس الأردنيين بالإخلاص والتفاني وتحقيق المنجزات؛ فاكتسب شعبية واسعة بين أبناء الشعب الأردني لشجاعته ونظافة يده وقيادته حربًا ضد الفساد وهدر المال العام، فكان وصفي التل رمزاً للوطنية الصادقة ورجل دولة يعد من أبرز السياسيين الذين أثبتوا حضورهم على الساحة الأردنية خلال عقد الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي.
من خلال موقعه القيادي وتحت ظل القيادة الهاشمية، عمل وصفي التل بكل جدية وإصرار على تحقيق الإنجازات الكبرى التي أسهمت في بناء الدولة الأردنية. فقد كان له دور محوري في تنفيذ مشاريع وطنية استراتيجية شملت مختلف المجالات التنموية، من خلال تركيزه على تطوير البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد الوطني، وبفضل رؤيته الثاقبة وعمله المتفاني، نجح في تحفيز كافة مؤسسات الدولة على تحقيق تطلعات الأردن في ظل ظروف إقليمية صعبة، ليترك بصماته الواضحة على مسيرة المملكة؛ ففي عهد حكومته الأولى عام 1962 تأسست أم الجامعات ودرتها ((الجامعة الأردنية)) كأول صرح علمي في الأردن، وافتتحها مع جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه وأصبح عضوًا في مجلس أمناءها، وفي عهده تأسست شركة الفوسفات وشركة البوتاس لاستغلال ثروات البحر الميت، وفي حكومته الثانية تم إنشاء التلفزيون الأردني وغيرها من المشاريع التنموية.
كان وصفي كأي أردني؛ معتزاً بوطنيته وتاريخه، محافظاً على هويته، فخوراً بأردنيته، أميناً على تراثه، وفياً لفلسطين وأهلها، ولدينه وقضايا أمته؛ ليترك لنا درساً بأن الوطنية الصادقة تعني أن المسؤولية والعمل العام ليست عباءة تُرتدى أو لقبًا يُزين الأسماء، بل هي امتحانٌ دائم للقدرة على العطاء، وميدانٌ تُثبت فيه الأفعال وبأن عزائم الرجال عليها ان ترتفع لتبلغ ثقل التكليف وجلال المهمة.
نحن هنا في معرض الحديث عنه نستذكر اليوم أحد أبرز الرموز الوطنية الأردنية؛ لنتعلم منه معاني الانتماء الحقيقي، والتفاني في خدمة الوطن والعمل بلا كلل؛ واستحضار ذكراه خاصة بين جيل الشباب ما هي إلا تعبير عن الانتماء الحقيقي لدى الأجيال الناشئة والتي ولدت من رحم هذا الوطن، وترعرعت تحت ظلاله، فكبرت على عشق لا يشيخ، وحبّ لا ينضب، جيل فتيّ يحبون كل من يحبّ الوطن، وكلّ من يحمل في قلبه شعلة الولاء والانتماء. قلوبهم مفتوحة لمن يسعى لرفعته، وعقولهم ممتدة لكل فكرةٍ تعلي من شأنه. يصافحون بكل ودّ من يزرع الخير في ترابه، ويقفون سدًّا منيعًا في وجه من يحاول المساس بكرامته...
رحم الله رجل الدولة وشهيد الوطن وصفي التل وسخر للأردن المخلصين من أبنائه الغيورين الأكفاء.