نحو المستقبل .. رؤى الكونغرس العالمي للإعلام
د. أشرف الراعي
27-11-2024 02:00 PM
ضمن جلساته المتعددة، ألقى الكونغرس العالمي للإعلام الذي انطلق بنسخته الثالثة في أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات الضوء على مستقبل الإعلام، وتحدياته، وتوجهاته التي تنطلق نحو عالم متعدد من الفرص، لا بل كان النقاش يدور حول التطورات التي يشهدها هذا القطاع المهم من جهة، والضوابط التي يمكن أن تدفع بالإعلامي والصحافي دوماً إلى قول الحقيقة ولا شيء غيرها؛ وهو ما ينعكس على المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي وأنظمة الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، ومستخدميها على اختلاف أعمارهم وتوجهاتهم الفكرية.
حضرتُ عدداً من الجلسات، وقد كانت ثرية في مضمونها، كان من أبرزها الجلسة التي استعرضها معالي الشيخ عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، الذي يشغل منصب رئيس مجلس الإمارات للإعلام، والذي أراد من خلال كلماته أن يضع الأمور في نصابها لا سيما في ظل ما ينتشر على المنصات الرقمية من جرائم للكراهية وتداول للشائعات، وانفلات واسع في تناقل المعلومات المغلوطة ثم البناء عليها، وكأنها أخبار "موثوقة"، وهو ما دفع نحو تزايد نطاق السلبية لا سيما في المنصات التي تعتمد على التفاعل بين أصحاب الحسابات، "وهذا هو العالم الرقمي".
من المهم اليوم أن نضيء على هذه السلبيات وأن نتحدث عن أهمية القانون في ضبط العملية الإعلامية من دون التعدي على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في التعبير؛ فالتعبير عن كينونة الإنسان أمر مهم في الدول الديموقراطية والمتقدمة، ولكنه في ذات الإطار لا يجوز أن يتجاوز حدود القانون والأخلاق، وهو الأمر الذي نظمته الدساتير العربية والعالمية، كما نصت عليه العهود والمواثيق والاتفاقيات الدولية، ما يجب العودة إليه وقراءته ومناقشته مرة أخرى، لا سيما في ظل ما يشهده العالم اليوم من تطورات لافتة تحتاج تنظيماً ملتزماً بضوابط متقدمة تراعي التطورات وتمنع الانفلات.
نحن مقبلون على مستقبل متقدم في الإعلام وعلينا أن نكون – في عالمنا العربي – مستعدون للتطورات التي سيشهدها، تشريعياً وواقعياً، ولكن الأهم اليوم توعية الجيل الجديد بخطورة وسائل الإعلام وخطورة المحتوى، فضلاً عن قيامهم بنشر المحتوى الجيد والإيجابي، والذي يدفع نحو مستقبل أفضل، ويعرف أقرانهم بواقعنا، والاطلاع على ماضينا وتراثنا وأخلاقنا وقيمنا العربية، فضلاً عن نشر قيم التسامح والتطور والأخلاق وعدم نشر الشائعات والكراهية والإساءة إلى الغير.
وإلى جانب هذا كله، فلا بد من تعزيز دور الإعلامي المهني المحترف وهذا من خلال عدد من الوسائل أبرزها القوانين الناظمة لوسائل الإعلام لم تستطع حتى اللحظة مواجهة التراجع الذي يشهده الإعلام في العالم العربي، ولم تستطع كذلك تعزيز مفاهيم الحرية الإعلامية، فضلاً عن عدم تطوير الأدوات الصحفية والإعلامية من خلال المؤسسات؛ فالسوشيال ميديا يمكن أن يكون في خدمة هذه المؤسسات إذا ما تم استغلاله بشكل صحيح، وتعزيز التحليل لدى الصحافيين والإعلاميين العاملين في العمل الإعلامي التقليدي؛ فدور الإعلام التقليدي اليوم ليس بث خبر تم بثه بمجرد حدوثه عبر "السوشيال ميديا" وإنما تحليل الخبر من أجل الوصول إلى فكرة مختلفة... نحن مقبلون على الكثير من التطور وهو ما يجب أن نعيه وقد لا يتسع له عشرات المقالات.. لكن هذه المقالة هي بمثابة إضاءة بسيطة على هذا التقدم نحو مستقبل الإعلام.