الشتاء يزيد مصاريف الأسر 15% .. ومواطنون: أملنا بالحكومة
26-11-2024 02:31 PM
* سعيدات: المنخفض رفع الطلب على الغاز والكاز.
*عايش يطالب الحكومة بتوفير شتاء آمن لذوي الدخل المحدود.
*الفاعوري: الضغوطات المادية في الشتاء تزيد الخلافات وحالات الطلاق.
عمون -نداء عليان- يترافق فصل الشتاء عادة مع رفع الاعباء الاقتصادية على الأسرة الأردنية التي تحاول مجابهة المصاريف على طوال العام، إلا ان برد الشتاء والحاجة لشراء وسائل تساعد على التدفئة في ظل الغلاء المعيشي وارتفاع الاسعار كفيلة بمضاعفة هموم أرباب الأسر.
نقيب محطات المحروقات نهار سعيدات قال لـ عمون، إن الايام القليلة الماضية شهدت اقبالا ملحوظا على اسطوانات الغاز بالتزامن مع دخول المنخفض الجوي الأخير الممتد حتى اللحظة، حيث ارتفع الطلب من 150 الف اسطوانة غاز يوم الأحد حتى اليوم الثلاثاء إلى 210 الف اسطوانة.
وفيما يتعلق بالاقبال على مادة الكاز، أكد سعيدات لـ عمون ارتفاع الاقبال عليه كذلك بنسبة 10%، رغم انه كان يسير بمعدلاته الاعتيادية، وشدد في الوقت نفسه على عدم الحاجة لتخزين كميات منه او التهافت على شراءه اذ يتوفر بكميات آمنة، مشيرا الى أن النقابة جاهزة لتغطية حاجة السوق .
وبخصوص ورود ملاحظات حول صعوبة استخدام بعض اسطوانات الغاز وعدم التمكن من فتحها، دعا سعيدات المواطنين الى اعادتها لموزع الاسطوانات الذي سيقوم بدوره باعادتها الى مصفاة البترول لاستبدالها، لافتا الى انها حالات نادرة يمكن ان تحدث.
الخبير الاقتصادي حسام عايش أوضح لـ عمون، ان الظروف المناخية المصاحبة لفصل الشتاء ترفع الاقبال على شراء اسطوانات الغاز ومادة الكاز وعلى كافة انواع المشتقات النفطية ذات الصلة بالتدفئة بصورة يومية، اذ توقع ارتفاع الطلب على اسطوانات الغاز إلى 180 الف اسطوانة يوميا، كما سيرتفع الطلب على الاخشاب والحطب والكهرباء.
ونوه عايش الى ان الظروف المادية الصعبة والضعيفة جدا قد تدفع البعض الى استخدام اطارات السيارات والملابس والورق القديم لحرقه للحصول على التدفئة، وهو ما قد يتسبب بدفع الحياة ثمنا لذلك في بعض الأحيان نتيجة قلة الانتباه او خروج الأمور عن السيطرة خصوصا وان هذه الأنواع تؤدي الى الاختناق والحرائق.
وطالب الحكومة الجديدة والتي اخذت على عاتقها بالنظر الى ادائها الأولي القضايا ذات المساس بحياة المواطن اليومية، أن تضع الحلول لها وتتعامل معها، ولذا عليها الاخذ بعين الاعتبار ما اطلق عليه "اقتصاد الشتاء" ووضع سياسات ذات صلة بمتطلبات هذا الفصل، خصوصا بما يتعلق بالطاقة والتدفئة، ووضع سياسات تسمح للمواطنين بغض النظر عن مستوياتهم المعيشية وبالذات الفقراء ومحدودي الدخل من الحصول على طاقة آمنة عبر تقديم الدعم اللازم لهم.
وأشار عايش إلى ان فصل الشتاء يرفع الكلف المعيشية على الأسر بالمجمل، اذ يمكن ان ترتفع بنحو 15% وهي مكلفة جدا، وبالعودة الى استطلاعات الصحة المالية للمواطنين فإن نحو 69% من المواطنين لا يستطيعون الوفاء بالتزاماتهم المالية ويأجلون سداد فواتيرهم بسبب ضعف دخلهم الشهري دون الكلف الاضافية، فكيف يكون الوضع مع اضافتها؟.
ونوه إلى ان الأشهر الـ 9 الأولى من العام الحالي مقارنة مع الأشهر الـ 9 الأولى من 2023، انخفض استهلاك الأردن من المشتقات النفطية بحوالي 7%، كما انخفض مبيعات السولار من الفترة نفسها بحوالي 6%، وانخفت مبيعات الكاز 11%، علما بأن حصة الكاز باجمالي مشتريات المشتقات النفطية الأردنية لأول 8 أشهر من العام الحالي تقل عن النصف بالمئة، أي ما يعادل الـ 8 مليون دينار تقريبا وهي المادة الأرخص من المشتقات النفطية، ومع ذلك انخفض الطلب عليها وهو ما يعبر عن تراجع قدرة المواطن حتى عن الحصول على التدفئة من ارخص المواد المتاحة.
وقال عايش إن كميات السعرات الحرارية المطلوبة في فصل الشتاء تعتبر أكبر من الكميات السعرات المطلوبة بباقي الفصول، وهو ما يتطلب انفاقا اعلى حتى على المواد الغذائية وبالتالي زيادة الكلف، اضافة الى زيادة الطلب على النقل بوسائل محددة بسبب الأحوال الجوية، حيث يذهب نحو 26% من الأردنيين من وإلى اعمالهم مشيا على الأقدام وهو ما يتعذر بفصل الشتاء، وهو ايضا ما يفرض على الأسر تكيفا سلبيا بتخفيض الانفاق على الاحتياجات الاساسية، وبالتالي التحول الى ديون اضافية.
المواطن أحمد معتصم وهو رب لأسرة من 5 أفراد، أكد لـ عمون ان فصل الشتاء رغم انه فصل خير وبركة الا انه بات "هما على القلب" كما وصفه، بسبب ارتفاع الاسعار والحاجة لوسائل التدفئة المختلفة، اضافة الى الحاجة لشراء الملابس الثقيلة وهي ما أثقلت كاهله، مختتما كلامه بـ : "الواحد مش طالع بايده يحكي غير يا رب يا كريم"، و"أملنا بالحكومة الجديدة تطلع علينا بعين الرحمة".
أما المواطن محمد أبو الياس قال، إن ارتفاع فاتورة الكهرباء بسبب سخان المياه لوحده "هم من نوع آخر" فمن جهة لا أحد من اطفاله ال 4 يتحمل برودة المياة شتاءا ولا هو شخصيا رغم كُبر عمره، مضيفا "لو واحد من ولادي اشتهى الكستنا ولا البطاطا الحلوة شو أعمل ما بعرف.. خليها على الله"!.
أم نمر من ناحيتها قالت : "بغض النظر عن الغلا والحاجة لوسائل التدفئة والانارة لأنه العتمة بتبدأ أبكر من العادة مع قصر النهار.. الا انه لو يمرض شخص واحد من العيلة ويعدي الباقين لا بناكل ولا بنشرب بنروح ندفع الراتب بالمستشفى والعلاج".
هذه التصريحات لا تمثل فقط شخص او عائلة، بل تكاد تمثل نسبة كبيرة من المجتمع بحسب الطبيب النفسي عمر الفاعوري، الذي أكد لـ عمون أن زيادة المصاريف خلال فصل الشتاء إلى جانب ارتفاع الاسعار وتراجع اوضاع الاسر المادية بصورة عامة ينعكس سلبا على الاسرة دون استنثاء، اذ ترتفع نسبة التوتر لدى الأب والأم من عدم القدرة على تغطية المصاريف وتلبية الاحتياجات الاساسية التي قد لا تتجاوز المأكل والمشرب والملابس، الى جانب الخوف من تراكم الديون والشعور بالاحباط والاكتئاب نتيجة لذلك.
الفاعوري اضاف، ان هذه الضغوطات والتوترات كفيلة بتوليد الخلافات بين افراد الاسرة الواحدة والوصول في بعض الحالات الى الطلاق نتيجة لشعور الآباء بالعجز امام التحديات المادية وشعور ابنائهم بالحرمان ومحدودية الخيارات أمامهم، وهو ما قد يدفعهم ايضا للجوء الى القروض والاستلاف وبالتالي زيادة التوترات والأعباء المستقبلية.