الدبلوماسية والإنسانية تجتمعان: موقف موظفي سفارتنا في مصر
الدكتور مهند النسور
25-11-2024 04:33 PM
خلال رحلتي الأخيرة إلى جمهورية مصر العربية، تعرضت لموقف مفاجئ بفقدان جواز سفري في بداية الرحلة. هذا الحادث غير المتوقع أجبرني على الانتظار في قاعة الوصول بالمطار حتى صباح اليوم التالي، منتظراً فرصة للتواصل مع السفارة الأردنية للحصول على المساعدة العاجلة.
في كل مكان نلتقي بشخصيات تستحق الإشادة، وتترك بصمة لا تمحى في نفوس من حولها. ومن بين هؤلاء الشخصيات الملهمة، كان لي الشرف بالتحدث مع السفير الأردني في مصر، وآخرين من الزملاء، ولفت نظري بشكل خاص سعادة القنصل الأردني في مصر، الأستاذ راشد العدوان، الذي ترك في نفسي انطباعا عميقًا بلطفه وتواضعه، وأسرني حديثه الهادئ والحكيم الذي يفيض حكمة وبساطة.
في خضم تلك الظروف الصعبة، بادرتُ بطلب المساعدة من سعادة الأستاذ راشد العدوان، فاستجاب لندائي فورًا وبكل رحابة صدر، متجاوزًا انشغالاته اليومية، وخاصة في يوم إجازته. لقد أظهر خلال تعامله معي هدوءًا لافتًا وأدبًا رفيعًا، ولم يتردد لحظة في تقديم يد العون. استمع إلى تفاصيل موقفي باهتمام بالغ، وصبر على أسئلتي المتكررة، وكلماته الطيبة كانت بمثابة بلسم أزال عني القلق وزرع في نفسي الأمل.
لم أتوقع، وبالنظر إلى الضغوط الهائلة التي تتحملها السفارة الأردنية في بلد كبير مثل مصر، أن أجد مثل هذا المستوى من الاستجابة السريعة والكفاءة والإنسانية. فقد تجاوز سعادة الأستاذ راشد العدوان كل توقعاتي، مؤكداً أن المسؤولية الوطنية تتعدى كونها مجرد واجب روتيني، بل هي انعكاس لخلق نبيل وأخلاق عالية وتفانٍ حقيقي في خدمة الوطن والمواطن. فلم يتردد لحظة في القدوم بنفسه لاستقبالي من الإسكندرية وتقديم كل الدعم اللازم لحل مشكلتي الطارئة.
لقد أثبتت هذه التجربة لي بأوضح صورة أهمية وجود شخصيات وطنية كفؤة تمثل الأردن بكل فخر واعتزاز، شخصيات تجسد القيم والأخلاق النبيلة التي تربينا عليها، وتبرز الصورة الحقيقية لوطننا المعطاء. رجال أمثال الأستاذ راشد العدوان والأستاذ يوسف الكلوب ومعالي أمجد العضايلة (أبو غسان)، الذين أثبتوا لي أن الوطن ليس مجرد جغرافيا، بل هو مجموعة من القيم والأخلاق التي تجسدها شخصيات عظيمة تخدم الوطن والمواطن. فمعالي أبو غسان، الذي عرفته خلال جائحة كورونا، وكنت شاهداً على عطائه وكرمه، وسعادة الأستاذ راشد وسعادة الأستاذ يوسف لم يتوانيا لحظة في تقديم العون والمساعدة لي. إن مثل هذه المواقف تستدعي منا جميعا أن نشيد بهذه الشخصيات ونبرز جهودهم، فالإشادة بالعمل الجيد واجب وطني، ونشرها فضيلة تزيدنا تماسكا ووحدة.
أتقدم بخالص الشكر والعرفان لهذه الشخصيات الوطنية النبيلة التي وقفت بجانبي في لحظة ضيق، وساعدتني بكل ما أوتيت من قدرة وإمكانيات. إن مثل هذه المواقف النبيلة تثبت لنا أن الأردن يزخر بالكفاءات والأخلاق الرفيعة، أما باقي الأمور، فهي في تدبير الله عز وجل.
إنني لأتمنى أن يكون جميع من يمثلون وطننا على المستوى الرسمي يحملون نفس الروح الوطنية والإنسانية التي يتمتع بها معالي أمجد العضايلة وسعادة الأستاذ راشد العدوان وسعادة الأستاذ يوسف الكلوب، والتي نستمدها جميعًا من جذورنا العربية الأصيلة وقيمنا الأردنية النبيلة التي غرستها فينا العائلة الهاشمية. فبهذه القيم النبيلة، يبقى الأردن شامخًا ومشرقًا، ويبقى أبناؤه فخورين به.