في زمن اصبح فيه (هوت شكلت) بديلا للبن (المخيض) .. و(السنكرز ) بديلا (للكريزة ) .. استغرب حقيقة من عدم ظهور مواهب ابداعية جديدة في بلدنا بعد .. مع ان من كان السبب في قتل الابداع الاردني قد اختفى منذ زمن بعيد!!

كانوا يقولون لنا : ان (اللبن) المخيض كلّه فوائد .. وفعلا كانت فوائده كثيرة لعل اهمها : انه وبعد شرب كاسة واحدة من (اللبن) تصبح فعليا خارج التغطية .. ومع ذلك كانوا يصرون عليك ان تقوم بتسميع جدول (الضرب) في لحظتها والا يا (ويلك) يا ظلام (ليلك) .. من تلك اللحظة فقدنا القدرة على (التفكير) وظهرت حساسيتنا تجاه الارقام وتجاه كل شيء ارغمنا على تعلمه بعد شرب كاسة (اللبن)..!!

في ايام الطفولة.. لم يكن في ذلك الوقت يتوفر لك أي مشروع ابداعي تظهر فيه مواهبك سوى ان تقوم ببيع (الكريزة) .. وذلك بعد ان يتم صنعها لك في البيت من (السميدة) و(الصبغة) .. ومع انها كانت فرصة لتظهر فيها (شطارتك) ومواهبك الابداعية .. الا انك فعليا تكون عاجزا عن بيعها .. فنصف (السدر) عادة مايأكله من تعرفهم وذلك من باب (المجاملة) .. والنصف الاخر يذهب تلقائيا دعاية مجانية لما يعرف محليا : (بهات اذوق)!!

فتقرر انت من تلك اللحظة المفصلية انك طول حياتك ما تعيدها . ولا تجرب تبيع وتشتري .. ولا تستغرب عزيزي القارئ من تلك الحقيقة المرة فهكذا كان يقتل الطموح في لحظات العمر الاولى من وراء (الكريزة)!!

مؤخرا جلس مكتشف الفيسبوك وهو شاب صغير السن مع زعماء الدول (ثماني)..

هذا الشاب المبدع بكل تأكيد لم يمر بتجربة (اللبن) المخيض و(الكريزة) وإلا لاصبح ذلك المسكين موظفا بسيطا يجب ان يكون على مكتبه الساعة (ثمانية) ..

نقول فقط : اخ على (هوت شكلت) كيف بنعش (الزلام) .. وأخ على كاسة (لبن) .. " تنعس " من ورائها ولا تعرف مايدور في هذا الزمان?! .

salehabuarab@yahoo.com

(العرب اليوم)