منذ أن نشأت اسرائيل ، و الصراعات العربية الاسرائيلية تدور ، احيانا تخمد و احيانا اخرى تشتعل ، إما على أرض فلسطين أو في مصر أو لبنان أو الاردن أو سوريا ، هذه الصراعات التي نُظّمت إما رسميا من الانظمة الحاكمة أو الاحزاب أو المنظمات أو حتى الشعب ، كانت تقابل اسرائيل في تعادل للقوة أو تباين طفيف.
عندما ننظر إلى الصور الارشيفية عن تلك الحروب و المعارك ، نجد الجندي العربي يحمل سلاحه في يده و يشتبك مع الجندي الاسرائيلي الذي يحمل سلاحه هو الآخر ، تتشابه الاسلحة أو تختلف اختلافا طفيفا تبعا للمنشأ ( الاتحاد السوفيتي أو الولايات المتحدة ) في ذلك الوقت.
أمّا اليوم، فنحن العرب جميعا نقبع "في الهوّة" ، لأنّ قدرات الكيان التكنولوجية_العلمية باتت تتفوّق على ما نستورده من الغرب بمراحل و اشواط ، لا اكتب هذا محاولة لنشر الاحباط أو الاستسلام بل واقعية في قراءة ما يجري، لأنّه من غير الممكن أن ننفصل عن الواقع إلى هذه الدرجة .
للأسف لم نقم عبر عقود مضت بالاستثمار في الانظمة المعنية في صنع الاسلحة، لم نستثمر في التكنولوجيا ، في الذكاء الاصطناعي ، بل كنّا نرقّع هذه الهوّة الواسعة و الخطيرة بالادعية الدينية والسبّ واللعن ، متناسيين بأنّ (إذا نزل مؤمن و غير مؤمن إلى البحر ، لن ينجو إلّا الماهر في السباحة).
هذه الهوة التي اتضحت خصوصا في حرب اسرائيل مع حزب الله و العدوان على لبنان ، توضّح التباين الكبير و الخطير في القوة و القدرة ، لأن الكيان المجرم يعلم أنه في أرض المعركة (جندي×جندي) لا يستطيع أبدا التغلّب على الجندي العربي فراح يعمّر بنيانه في التطوير و التصنيع، ومثلا لكي ننصف المقاومة ، عندما قامت حماس بحفر الانفاق تحت غزّة كانت بذلك تحاول رأب صدع تباين القوة ، و استطاعت إلى حدّ معقول أن تنجح ، لكن المعضلة عندما بزرت اسلحة و قنابل اسرائيلية ارتجاجية قادرة على نسف الانفاق، هنا عادت الهوة للاتساع.
لا يمكننا مطلقا أن ننتصر على أي احتلال دون الانتصار التعليمي، دون الاستثمار في المدرسة و الجامعة ، دون نشر الثقافة وكسر التابوهات، دون الارتقاء بالنظم التعليمية ، هذه حقيقة يجب أن نخرج بها بعد الحرب .
تطوّر اليوم تل أبيب سلاحا ليزريّا زهيد الثمن عند التشغيل ليواجه الدرونات التي فشلت القبّة الحديدية في اعتراضها، هنا يطبّق الكيان مبدأ الهوّة ، في اعتراف صريح بفشل ساحق حصل له، و ما إن يصبح هذا السلاح فاعلا حتى تمسي الدرونات العابا اكثر منها اسلحة ناجعة ، يأتي دورنا و لصنع أو استيراد اسلحة جديدة...(إن استطعنا) و هكذا هذا ما يسمى بتعادل القوة ، برأب صدع الهوّة ، أن نسطيع التطوير و التصنيع و التطبيق بعد أن فشل ، فالعلم وحده الذي نحتاج اليه اليوم لكي نلوي الذراع و ننتصر.
مبدأ استيراد الاسلحة في ٢٠٢٥ لوحده يكشف عورتنا العلمية ، فهل من المنطقي أن نستورد السلاح من جهات تدعم اسرائيل لكي نواجه اسرائيل! أين المنطق في ذلك ؟ وهل إن وافقنا و أقرّينا بالمنطق ، ستزوّدنا تلك الدول بما يجعلنا نتفوّق على مدلّلتهم تل ابيب؟ ..
"اسعَ يا عبد وأنا أسعى معاك " هل قمنا بالسعي؟ أو اكتفينا فقط بالدعاء؟ لعقود و نحن نلعن الكيان المجرم ، هل تغيّر شيء؟ هل عادت الارض؟ هل سقطت طائرة عسكرية من تلقاء نفسها؟.
التغيير الحقيقي يبدأ منّا...لكننا من الواضح أنّنا لن نبدأ ليأتي يوم تحاربنا اسرائيل عبر اسلحة غير مرئية شفافة.. عندها سنكتفي بالدعاء...إن استطعنا رفع ايدينا حتى..