إن الإجابة على عنوان هذا المقال ليست مجرد نعم أو لا، بل هي انعكاس لتاريخ طويل من التحديات والإنجازات؛ فالأمن ليس مجرد حالة وقتية، بل هو نتاج عمل مستمر ومنظومة متكاملة تتشارك فيها الدولة والمجتمع.
والأردن، هذا البلد الكبير بإرثه وأثره، أثبت عبر العقود أنه واحة استقرار وسط منطقة تعصف بها الأزمات، واستطاع أن يبني سمعة دولية كبلد يتمتع بأمن داخلي قوي وسياسات حكيمة في التعامل مع المخاطر الإقليمية، ولعلَّ السؤال الحقيقي ليس “هل نحن بلد آمن؟”، بل “كيف نجحنا في البقاء آمنين؟”.
إن ما يميز التجربة الأردنية في الحفاظ على الأمن هو التناغم بين الشعب والقيادة؛ كما أن القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية ليست فقط حامية الحدود، بل هي العمود الفقري للاستقرار الداخلي، كما أن تعاملها مع التحديات بحرفية، سواء كان ذلك من خلال إحباط مخططات إرهابية أو حماية الفضاء السيبراني، يعكس منظومة أمنية متطورة ومدركة للتعقيدات التي يشهدها العصر.
لكن دور الأمن لا يقتصر على القوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية، بل يمتد إلى سياسات اجتماعية واقتصادية تُرسخ العدالة وتخفف من مسببات الجريمة؛ فتعزيز سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، وتمكين الشباب والمرأة، جميعها عوامل ساهمت في ترسيخ الأمن بمفهومه الشامل، رغم وجود بعض التحديات التي لا تخفى على أحد، إلى جانب التحديات الأخرى المتعلقة بالحرب على غزة، والظروف السياسية الأخرى التي تحيط بنا من كل جانب.
ورغم ذلك، وفي منطقة تعج بالصراعات، يبقى الأردن نموذجاً يُحتذى به في إدارة الأزمات من خلال التعامل مع التحديات، وإدارة علاقات دبلوماسية متوازنة مع القوى الإقليمية والدولية، وهذه كلها عوامل تؤكد أن الأمن الأردني ليس مجرد صدفة، بل استراتيجية مستدامة، كما أن الشعور بالأمان لا يقتصر على غياب التهديدات الأمنية، بل يشمل كذلك الاستقرار النفسي والاجتماعي؛ فالمواطن الأردني، رغم التحديات الاقتصادية، يعيش في ظل دولة تضمن له حقوقه الأساسية وتحميه.
وإجابة على التساؤل الذي طرحه عنوان المقال "نعم، نحن بلد آمن، ولكن الأمن ليس حالة دائمة تُضمن للأبد، بل هو مسؤولية جماعية تحتاج إلى تعزيزها يومياً، لذا علينا أن نحافظ على هذا الإنجاز الوطني الذي ترسخ منذ عهد الملك الحسين طيب الله ثراه، ويواصله جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وذلك من خلال دعم مؤسساتنا الوطنية، وتعزيز الوحدة الوطنية، ومواصلة العمل لتحقيق التنمية المستدامة؛ فالأردن بلد آمن، والتحدي الأكبر هو أن نظل كذلك، في ظل كل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها المنطقة ونكون قدوة لها في أن "الأمن يبدأ من الداخل، من العقول والقلوب قبل الحدود"..
حمى الله الأردن..