رؤية ديما طهبوب .. محاكمة سياسية لنظام الخدمة المدنية
رحاب القضاة
22-11-2024 09:39 AM
النائب ديما طهبوب، بطرحها أسئلة نارية ومباشرة للحكومة، تعيد تذكيرنا بأنّ الدور النيابي ليس مجرد منصّة للمجاملات، بل أداة رقابة حقيقية على القرارات التي تمس حياة المواطنين.
أسئلتها بشأن تعديلات نظام الخدمة المدنية وإدارة الموارد البشرية، التي باتت تشكّل نقطة جدلية واسعة، هي بمثابة امتحان سياسي للحكومة، ولقدرتها على تقديم إجابات واضحة وحلول مقنعة للمخاوف التي أُثيرت.
رؤية طهبوب: المساءلة أولاً
رؤية طهبوب تقوم على مبدأ الشفافية والعدالة، وهي تطالب الحكومة بتحمل مسؤولياتها كاملة في شرح الأسس التي اعتمدتها لإقرار هذه التعديلات.
أسئلتها لم تكن مجرد استفسارات، بل تحقيق سياسي شامل يمسّ نقاطًا حيوية تتعلق بالعدالة الاجتماعية، الكفاءة الإدارية، ومستقبل الموظف العام، وحقوقه الاقتصادية والاجتماعية.
محاور الأسئلة: كشف التحديات
1.الأبعاد الاقتصادية:
•تساءلت طهبوب إن كانت الحكومة قد درست الآثار الاقتصادية المترتبة على هذه التعديلات.
كيف ستُعالَج هذه الآثار؟
وهل هناك حاجة حقيقية لوجود نظامين متوازيين يربكان المشهد الإداري؟
2.ربط الراتب بالكفاءة:
•ركّزت على المادة 11 من النظام، التي تربط الراتب بالوظيفة لا بكفاءة الموظف أو خبراته. فكيف يُشجَّع الموظفون على تطوير أنفسهم وتعليمهم في مجتمع يتجه نحو التعليم والدراسات العليا؟
3.غياب المساواة:
•انتقدت منح الدوائر صلاحية تحديد التقييم الكمي والنوعي لكل وظيفة، مؤكدةً أنّ هذا قد يُهدّد مبدأ المساواة بين الموظفين.
4.التدخل في التعيينات:
•أشارت إلى المواد 13 و17، التي قد تفتح الباب لتدخلات جهات خارجية في التوظيف، مما يهدّد الشفافية والعدالة.
5.حقوق الموظف الاقتصادية والاجتماعية:
•سألت عن الأبعاد القانونية لهذه التعديلات، متسائلةً إن كان السبب الوحيد وراءها هو معالجة الترهل الإداري دون النظر لحقوق الموظفين.
6.الإجازة بدون راتب:
•اعتبرت المادة 56/أ المتعلقة بتقليص مدة الإجازة بدون راتب تعديًا على حقوق الموظفين، مشيرةً إلى تأثيرها السلبي على العاملين في الخارج، وما قد يسببه من زيادة
البطالة محليًا.
7.حقوق الموظف الصحية:
•اعتبرت المادة 58/و المتعلقة بتقليص المدة التي يجوز بعدها إنهاء خدمات الموظف بسبب عدم لياقته الصحية تعديًا صارخًا على حقوق الموظف، خاصة في الحالات التي تحتاج إلى علاج طويل الأمد.
8.الحق في التعبير والمشاركة السياسية:
•أكدت أنّ المادة 67/ج تتعارض مع الدستور الأردني الذي يضمن للمواطن حق التعبير والمشاركة في الأنشطة السياسية السلمية.
9.العمل خارج أوقات الدوام الرسمي:
•تساءلت عن منع الموظف من العمل خارج الدوام الرسمي (المادة 67/ي)، خاصة في ظل تدني الرواتب التي لا تكفي لسد الاحتياجات الأساسية للموظفين وعائلاتهم.
طهبوب، من خلال أسئلتها، تعكس رؤية شاملة تدعو الحكومة لمراجعة كافة التعديلات المقترحة بمنهجية علمية شفافة، تراعي التوازن بين معالجة الترهل الإداري وحماية حقوق الموظف. فالموظف ليس مجرد رقم في جهاز إداري، بل هو جزء أساسي من عجلة التنمية، وأي مساس بحقوقه سيؤدي إلى كوارث اقتصادية واجتماعية تفوق بكثير أثر الترهل الإداري الذي تحاول الحكومة معالجته.
رسالة إلى الحكومة
الأسئلة التي طرحتها النائب ديما طهبوب ليست مجرد استفسارات عابرة، بل تمثل صوت المواطن الأردني الذي يريد إجابات واضحة وشفافة عن مستقبل حقوقه.
فهل تستطيع الحكومة تقديم هذه الإجابات؟
أم أنّها ستكتفي بالوعود والمبررات، في وقتٍ يحتاج فيه الوطن إلى قرارات جريئة وواعية؟
في نهاية المطاف، تبقى رؤية طهبوب واضحة: سيادة القانون، العدالة في الحقوق، والشفافية في القرارات.
فهل ستلتزم الحكومة بهذه المبادئ؟ أم أن نظام الخدمة المدنية الجديد سيبقى مرمىً للتساؤلات والانتقادات؟