قادم من المستقبل لأحدثكم عنكم
د. ثابت النابلسي
22-11-2024 09:31 AM
أنتم الآن في مرحلة انتظار القادم من المستقبل. نعم، هذا أنا، قادم إليكم من المستقبل لأخبركم عنكم.
قد يبدو المفهوم فلسفيًا، ولكنه يفسر نظرية الاستعداد للمستقبل بشكل عام. كل لحظة مرت أثناء قراءتكم ما سبق تمثل الحاضر في تلك اللحظة، لكنها الآن أصبحت من الماضي.
أما ما جئت به إليكم من المستقبل فهو يخبرنا بما يحدث في حياتنا اليومية من أحداث وتجارب مختلفة تدفعنا للتفكير في كيفية التغلب على تحدياتنا وكيفية التعامل معها بشكل أفضل.
إن فهم الماضي وإدراك الحاضر يجعلنا قادرين على رسم معالم المستقبل وتحقيق الأهداف التي نطمح إليها. من هناك، من حيث المستقبل البعيد، عدت إليكم لأحدثكم عنكم. حيث يلتقي المستقبل بالماضي، ويسألكم: كيف حدث ما حدث؟ فتكون الإجابة: كنا منشغلين بالحاضر، نحاول الهروب من واقعنا نحو واقع أجمل.
أما وقد حدثتكم بأسلوب فلسفي، فإن الأمر يتطلب التمعّن في كل كلمة ومعناها لإدراك الغاية من السردية ، لكي نفهم الهدف من هذا المقال، سأستعين ببعض الأفكار التوضيحية.
لنفترض وجود شخص يعيش في نمط معين من الطعام والشراب والرياضة وغيرها من الأنشطة التي تساهم بشكل فعّال في تحسين مستقبله الصحي ، ان هذا الشخص، بشكل أو بآخر، قد “سافر” إلى المستقبل وقرر أن يمتلك القدرة على العيش بصحة جيدة هناك. لذلك، عاد إلى حاضره، محافظًا على نمط حياة صحي يتناسب مع احتياجاته المستقبلية.
هكذا، نسافر إلى المستقبل ونعود إلى الحاضر، ندرك الحاضر ونرسم المستقبل.
سؤال محوري..
وجدنا أنفسنا أمام سؤال مهم للغاية: كيف نتعامل مع أنفسنا في المستقبل إذا كنا لا نملك الحاضر الذي نعيشه اليوم؟!
قادم من المستقبل أخبركم عنكم. الجميع هناك يعاني من ظاهرة خطيرة هي انعدام القيم وغياب الأمل.
في المستقبل، اجتمع الناس علنًا لمناقشة الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة السلبية. ولكن للأسف، كان الجواب الذي تداولوه: “هكذا وجدنا آباءنا”، دون معرفة الأسباب الحقيقية.
لقد انشغل الآباء بحاضرهم آنذاك، ولم يلتفتوا إلى المستقبل، فكان الثمن باهظًا ، حاضر … مهمل ومستقبل …. ضائع.
الحاضر لم يواجه الأخطار السلبية أو الأخطاء المجتمعية، بل تكيف معها ومع مرور الوقت، أصبحت هذه الأخطاء جزءًا من الحياة اليومية.
وعليه، كان المستقبل قاسيًا للغاية، وتحمل الجميع ويلات ذلك التهاون.
من لم يستعد للمستقبل ودخّن سيجارته بلا توقف، دفع الثمن. من أهمل الرياضة والحركة، انتهى ثقيلًا بالمرض، ومستقبله على كرسي متحرك. من لم يدّخر مالًا، وجد نفسه يطلب الصدقة. ومن فرّط بالقيم الاجتماعية والإنسانية، أصبح سلعة رخيصة في أسواق المال السلطة والحكم.
أما أولئك الذين قتلوا الأمل بلا خوف من المستقبل، فكان مصيرهم مصحات الفشل.
رسالة من المستقبل..
قادم من المستقبل أدعوكم إلى تحقيق أهدافكم المنشودة. سافروا إلى مستقبلكم، وعودوا إلى حاضركم. اتخذوا قرارات جريئة لرسم مستقبل أفضل لكم وللأجيال القادمة.
بإرادتنا، بعزمنا، وباحترامنا لأنفسنا، نرسم مستقبلنا من حاضرنا.
من المستقبل جئت إليكم أحدثكم عنكم.