الحكومة ومجلس الأمة والمسؤوليات المطلوبة
فيصل تايه
21-11-2024 11:06 AM
يتطلع الأردنيون إلى عهد جديد يسوده التعاون المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لحل كثير من الملفات العالقة ، ومن القضايا التي تحتاج إلى رؤية واضحة ، وسط مؤشرات تدل على وجود حالة من التفاؤل ، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور جعفر حسان تكثيف اعمالها بصورة غير مسبوقة ، فما قامت به منذ توليها من "حماسة" للعمل دليل واضح على جدية اتخاذ خطوات تنفيذية مدروسة تبدو مشجعة وتوحي بأن هناك حلولا قادمة للعديد من القضايا المهمة ، في ظل التفاهم المتوقع والمأمول بين الحكومة ومجلس الأمة بشقيه .
تحديات كبيرة وتركة ثقيلة وخريطة تشريعية جديدة متوقعة وآمال كبيرة معقودة على مجلس الأمة والحكومة في وقت ينتظر المجلس أن تدور عجلة جلساته العادية والخاصة على طريق إنجاز خريطة الأولويات ، في حين يترقب المجلس التعاون مع الحكومة من أجل الاتفاق على الأولويات المشتركة للسلطتين التشريعية والتنفيذية، فوفق ما جاء على لسان دولة الرئيس ستبدي الحكومة استعدادها لان تمد يد التعاون للمجلس .
يجب ان تكون هناك اولويات مشتركة من اجل حلحلة القضايا العالقة وانجاز القوانين الكفيلة بالارتقاء بالدولة ، والعمل على تنميتها في مختلف المجالات ، فيما تعهد اغلب النواب وكما هو واضح بالالتزام بجدول الأولويات ، والابتعاد عن كل ما من شأنه تعكير صفو الانجاز خلال الفترة المقبلة ، فنحن الان بحاجة ماسة الى ضرورة الابتعاد عن الصراعات والصدامات ، وفتح آفاق جديدة من التعاون ، فالاختلاف لا يفسد للود قضية، وكما نلاحظ ان هناك "اجماع نيابي" وخاصة من كتلة "جبهة العمل الاسلامي" على ضرورة التعاون من اجل انتشال وإصلاح البلد وتنميته ، لذلك فنحن نتطلع الى التوافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من اجل انجاز عمل متكامل وتحقيق رؤية الاردن الجديدة ، والتنسيق مع الحكومة بشأن القوانين ، ما يعني التركيز على الاولويات الوطنية في بداية عمر المجلس.
الخريطة التشريعية والتي من المأمل رسمها يجب ان تتضمن مجموعة من القوانين منها ما هو اقتصاري وتنموي ومعيشي ، لضمان تحقيق الهدف الإصلاحي المنشود من طرح هذه الأولويات، والتي تأتي بمثابة الأرضية النيابية الحكومية المشتركة في قادم الأيام، حيث من المفترض ان يجدد النواب تمسكهم بالاولويات الوطنية والدفاع عن حقوق الأردنيين ومصالحهم بكل الوسائل الدستورية المتاحة، التي يضمن احترامها تحقيق المصلحة العامة، وعلى رأسها المبادرة إلى تقديم الحلول التشريعية التي تساهم في التنمية المستدامة، وقطع الطريق أمام أي مغالطات أو تكسبات أو مزايدات أو تضليل أو محاولات سحب المجلس نحو الـصراعات بعيداً عن الأولويات الوطنية .
من الضرورة بمكان وبعد صياغة الرد على خطاب العرش السامي الاسراع في اختيار لجنة تنسيقية بين المجلس والحكومة ليكون دورها كبيرا في إحداث التوافق مع الحكومة لإنجاز خطة العمل المشتركة، وخريطة الطريق التي ستسير عليها السلطتان بغية التعاون والإصلاح الشامل من اجل إعداد الاولويات المشتركة واقرارها خلال دور الانعقاد الحالي ، فضلا عن رسم خريطة الطريق للتشريعات ، ووضع المحاور الاساسية والتي تتمثل في متابعة عملية الاصلاح الشامل وتحسين المستوى المعيشي، الذي يمثل ارضية مشتركة للتعاون والانجاز على مستوى الدولة كلها.
اعتقد أن الاولوية القصوى التي يجب ان تضعها السلطتان نصب اعينهما هي ما تفضل بطرحه جلالة الملك في خطاب العرش السامي من اولويات وطنية ، فالخطاب السامي يعتبر خريطة طريق للمستقبل ، مع ضرورة التركيز على الوضع الاقتصادي للدولة الذي يحتاج فعلا الى دعم واصلاح اية اختلالات حاصلة في الميزانية العامة، والبحث عن ايرادات خصوصا فيما يتعلق بالاستثمارات ودعمها وتحويلها لإحداث التنمية الحقة وإنجاز المشاريع الكبرى.
بقي ان أقول اننا نتطلع الى فصل حافل بالانجازات التشريعية والمحاسبة الرقابية ، فالحكومة مطالبة ببرنامج عمل يلبي طموح الشعب لتحقيق القفزة التنموية التي طال انتظارها وتحسين سبل العيش الكريم للمواطنين ، كما أنها مطالبة للعمل على مواصلة الإصلاحات السياسية والدستورية وتأخذ بعين الاعتبار التطور الفكري السياسي الاردني وتدشين مرحلة جديدة من العمل المشترك ، وفق رؤية جلالة الملك الوطنية الإصلاحية، لتصحيح الأخطاء ومحاسبة من تسبب بها في السنوات الأخيرة.
واخيرا فانا اعتقد ان التصريحات من مختلف الجهات سيبقى حبراً على ورق ما لم تترجم التحديات السياسية والاقتصادية والمعيشية إلى واقع وفرص حقيقية من خلال إنجازها عبر قوانين ، وبالتعاون المشترك خلال الفترة المقبلة وتجاوز الحقبة الزمنية التي كانت حبلى بالإخفاقات ، فالمحك الحقيقي هو برنامج عمل حكومي واضح وواقعي يحمل إصلاحات سياسية واقتصادية وتنموية ويحاكي احتياجات وهموم المواطن والتنمية بعيداً عن الشخصانية والتكسبات .
والله ولي التوفيق..