سياسة منح الاراضي للمستثمرين هي جزء من الحوافز والتسهيلات التي حرصت عليها السياسات الاقتصادية لجذب المستثمرين , وقد تسابقت الدول في هذا المضمار, والاردن احدى تلك الدول التي ركزت في السنوات الاخيرة على هذا الامر.
وفعلا حصلت العديد من الشركات الاستثمارية على اراض من الخزينة لقاء اقامة مشاريع معينة, وقد نجحت تلك السياسة لدى البعض وفشلت لدى البعض الآخر, فماذا فعلت الحكومة تجاه من يقوم بواجباته الاستثمارية في تلك الارض? خاصة بعد ان تبين ان هناك من قام بمحاولة لبيع الارض او تأجيرها او الحصول على تسهيلات بعد رهنها.
كان واضحا ان سياسة منح الاراضي لم تكن هبة من الخزينة لذلك المستثمر, وانما جاءت ضمن شروط تعاقدية تصب اولا في منح الاولية لتنفيذ المشروع, صحيح ان السعر الذي منحت به بعض الاراضي كان مثيرا للجدل لكن الاهم هو الانجاز, فجميع الدول تقدم اراضي بأسعار زهيدة, لان الهدف هو اقامة مشروع يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ويخلق فرص عمل للاردنيين.
نعم هناك حالات استحقت حصولها على الارض والتي تمت وفق أسس قانونية خاصة بهذا الشأن, ومن واجب الدولة حماية استثمارات مثل هذا النوع, والكل يتذكر قصة المعبر التي شوهت صورة استثماراتها من قبل البعض على اعتبار انها حصلت على ارض مجانية والحقيقة انها دفعت ثمنها الذي حددته الحكومة نقدا ومباشرة, وبدأ العمل على ارض الميدان في تنفيذ المشروع, وهذا مثال حي للاستخدام السليم لاراضي الخزينة.
لكن في المقابل قامت مفوضية العقبة خلال العام الماضي باسترجاع جملة من اراض كانت منحتها لشركات نتيجة عدم التزاماتها التعاقدية وعدم وفائها بانجاز ما اتفق عليه, وهنا الشكر الى الرئيس السابق للمفوضية محمد صقر وزملائه على متابعتهم في تحصيل حقوق الخزينة وعدم التهاون في متابعة تنفيذ المشاريع وتطبيق القانون على المستثمرين كافة, لكن للأسف تعاملت الحكومة بشكل غير موضوعي مع المجلس وغيرت الرئيس بدلا من ان تكافئه.
منح الاراضي يكون وفق شروط استثمارية اولا واخيرا ومن حق الدولة ان تستعيد الحكومة الاراضي اذا ما أخل المستثمرون, والإخلال لا يكون الا في حالة عدم انجاز المشروع المخطط , لا بل تسطيع الحكومة ان تطالب بالتعويض اذا ما تأخر التنفيذ او تعطل, في النهاية حق الدول مصان شريطة ان يكون هناك من يتابع ويراقب, وإلا فالباب مفتوح للتشييك.
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)