نحو إرساء قواعد عمل وممارسات برلمانية جديدة
د.مهند صالح الطراونة
21-11-2024 07:59 AM
صاحب الجلالة الملك "حفظه الله" مخاطبا مجلس الأمة : " أنتم أمام مسؤولية كبيرة لإرساء قواعد عمل وممارسات برلمانية يكون التنافس فيها على البرامج والأفكار"
توجيهات ذات عمق وحكمة بالغة يوجهها رأس الدولة وحادي ركبها وإن في الرأس العقل والفكر، في خطاب العرش السامي يحمل سيدي صاحب الجلالة المسؤولية أمام مجلس الأمة في بداية مرحلة ديمقراطية برلمانية إستثنائية وتاريخية، قوامها قواعد عمل وممارسات برلمانية جديدة قائمة على التنافس بين البرامج والأفكار التي تقدمها الكتل الحزبية بصور تشريعات وافكار تعين اللجان فيها في صناعة التشريع.
ولما كانت منظومة التحديث السياسي والتشريعي بدأت تؤسس لمستقبل الاردن والاردنيين لحياة فضلى وعمل برلماني لا مجال فيه للضعف أو الجهل ولا المراهقة السياسية أو الشخصنة والشعبوية والمزاودة، والانحراف عن المصلحة العامة، وارى ان هذا لا يتأتى إلا من خلال مراجعة شاملة للتشريعات الناظمة للعمل البرلماني كخطوة أولى، ومنها النظام الداخلي لمجلس النواب بما يتضمنه من نصوص تعزز من دور النائب التشريعي والرقابي، وبما يتسق مع تركيبة مجلس النواب الجديدة في ظل جود نوعين من النواب الأول النائب الحزبي او"نائب القائمة العامة" الذي يتبنى رأي الحزب ويشغل مقعد الحزب في البرلمان ،وتبقى مسألة إشغاله لمقعد الحزب مرتبطة بتبنيه مواقف وبرنامج الحزب المعد له سلفا وليس له الخروج عنه، والثاني نائب القوائم المحلية وقد يكون حزبي وهو غير ملتزم ببرنامج الحزب إلا أدبيا ويبق رهينا لارادة ناخبية وقواعده الشعبية، الأمر الذي أرى فيه ضرورة مراجعة الأحكام التنظيمية الخاصة بحالات بطلان واسقاط عضوية النائب في ظل تباين المراكز القانونية بين النواب .
وفي ذات السياق أرى انه من الضرورة مراجعة _ وهذا من باب المثال لا الحصر _ الأحكام الخاصة بإدارة اللجان والجلسات ، واجتماعات كل منها ، وشروط تقديم الاقتراح في ضوء ما يمليه قواعد العمل البرلماني في سياقاته السياسية والقانونية الجديدة، اضافة الى مراجعة الاحكام الخاصة بآلية نقاش تقارير اللجان في الجلسات ، والابتعاد عن التعديلات المرتجلة على مشاريع القوانين في الجلسات وكل نص من شأنه تمكين اللجان من أداء دورها التشريعي .
فضلا عن ذلك أن التعديلات الأخيرة و التي طرأت على النظام الداخلي لمجلس النواب جانب فيها المشرع _ ومع التقدير _ الصواب عندما ضمنها نصوص النظام بالرغم من أهميتها لكن مكانها ليس النظام الداخلي، وهذا يحتاج ايضا لتحليل وتسبيب،بل إن التعديلات التي طرأت على النظام الداخلي لم تألفها الأنظمة الداخلية لمجلس النواب في الدول التي اخذت في النظام النيابي ، ومن ذلك مدونة السلوك البرلماني التي اعتبرها النظام الداخلي جزء منه وكذلك محور التدريب للنواب، وأرى في بعض احكامها مساسا لقواعد دستورية .
بقي أن أقول انه حتى نرسخ لعمل برلماني جديد وممارسات برلمانية تتسق مع خصوصية المرحلة وتترجم توجيهات سيد البلاد ،لا بد أن إرادة وجدية ووعي وأن تكون الخطوة الأولى مراجعة قواعد العمل البرلماني .
Tarawneh.mohannad@yahoo.com