facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خطاب الملك: رؤية للتحديث وصون للهوية في مواجهة التحديات


د. هاني الضمور
21-11-2024 07:45 AM

في افتتاح الدورة الثانية والعشرين لمجلس الأمة، ألقى جلالة الملك عبدالله الثاني خطابًا شاملاً أكد فيه على رؤية متكاملة لمستقبل الأردن، تستند إلى تعزيز التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، مع الحفاظ على الهوية الوطنية وترسيخ الأمن الثقافي المجتمعي كحجر أساس في مواجهة التحديات الراهنة. يشير خطاب الملك بوضوح إلى أن الأردن، بتاريخه العريق وإرثه الهاشمي، يواجه تحديات معاصرة تتطلب تحصين المجتمع من التأثيرات السلبية للعولمة والانفتاح الثقافي غير الموجه.

الأمن الثقافي المجتمعي، كما يتجلى في خطاب جلالة الملك وتوجهاته، ليس رفاهية فكرية، بل ضرورة استراتيجية لضمان صمود الأردن أمام رياح التغيير العاتية. فالملك شدد على أن الحفاظ على الهوية الوطنية ليس فقط مهمة سياسية، بل مسؤولية تعليمية وثقافية أيضاً، حيث تلعب مؤسسات التعليم العالي دوراً محورياً في حماية الهوية وتعزيز الانتماء الوطني. يرى الملك أن التعليم العالي ليس مجرد أداة لتخريج المهنيين، بل هو الحصن الفكري الأول الذي يصون القيم الثقافية ويواجه محاولات طمس الهوية.

إن التحديات الثقافية التي تواجه المجتمعات اليوم ليست فقط نتيجة الغزو الثقافي المباشر، بل تمتد إلى محاولات إعادة تشكيل الهوية عبر منصات الإعلام الرقمي والتأثيرات الثقافية الوافدة. خطاب الملك في هذا السياق يدعو إلى التحديث السياسي والاقتصادي كوسيلة لتحصين الشباب وتعزيز مشاركتهم في بناء المستقبل. هنا يلتقي الأمن الثقافي مع التمكين الشبابي، حيث يصبح الشباب، الذين هم المستهدف الأول من محاولات التغيير، خط الدفاع الأول في حماية الوطن وهويته.

مؤسسات التعليم العالي، بحسب رؤية الملك، هي القلاع التي تعزز الأمن الثقافي من خلال إعادة صياغة المناهج الدراسية لتشمل موضوعات الهوية الثقافية والتحديات الفكرية. هذه المؤسسات لا بد أن تكون منصات للتفاعل الفكري الحر، وتشجيع النقاش حول القضايا الثقافية، مع التركيز على إعداد الشباب ليكونوا مدركين لما يعزز هويتهم الوطنية وما يهددها. الملك يدرك أهمية هذه المؤسسات كحاضنات للوعي الثقافي ومنصات للبحث العلمي، وهو ما يتماشى مع الرؤية الأوسع للأمن الثقافي كجسر بين الماضي والمستقبل.

إلى جانب التعليم العالي، يحمل الملك الإعلام مسؤولية أساسية في تعزيز الأمن الثقافي. الإعلام، الذي يمكن أن يكون أداة لترويج ثقافات دخيلة، يجب أن يتحول إلى شريك فاعل في حماية الهوية الوطنية وتعزيز الوعي المجتمعي. الخطاب الملكي في هذا الإطار يسلط الضوء على أهمية العمل الجماعي، حيث تتكامل جهود التعليم، الإعلام، الأسرة، والمؤسسات الحكومية لحماية النسيج الثقافي الأردني.

الشباب في خطاب الملك ليسوا فقط مستهدفين بالتحديات، بل هم أبطال المواجهة. يرى الملك أن الاستثمار في وعي الشباب وثقافتهم هو الخطوة الأولى لبناء وطن قوي يستطيع مواجهة محاولات التزييف والطمس. فهم ليسوا المستقبل فقط، بل الحاضر الذي يجب أن يُعد ليكون قادراً على الإبداع والإسهام في بناء الأردن الجديد. خطاب الملك يدعو إلى إعلاء قيم الثقة بالنفس والانتماء، مما يجعل من الشباب قوة دافعة للتغيير الإيجابي.

إن الأمن الثقافي، كما أبرزته رؤية الملك، ليس مفهوماً جامداً أو نظرياً، بل هو نهج عملي ومتكامل لبناء دولة قوية تتفاعل بإيجابية مع العالم دون أن تفقد خصوصيتها وهويتها. إذا كان الأردن جغرافيا فإن الثقافة هي روحه، وخطاب الملك عبدالله الثاني كان بمثابة دعوة إلى الحفاظ على هذه الروح وتعزيزها، وجعلها محوراً للتحديث والتقدم. الجغرافيا يمكن أن تكون مستهدفة، لكن الثقافة هي الحصن الأخير الذي يحمي الأوطان، والملك يدرك هذا بوضوح من خلال ربطه بين الحفاظ على الهوية الوطنية ومسارات التحديث الثلاثة التي رسمها للأردن.

ختاماً، يمثل خطاب الملك خارطة طريق تجمع بين الحفاظ على التراث والانفتاح على المستقبل، حيث يصبح التعليم العالي والإعلام والأسرة أدوات أساسية لتحقيق هذه الرؤية. الأردن، تحت قيادة الملك عبدالله الثاني، لا يسير فقط نحو التحديث، بل يسعى لتحقيق توازن دقيق بين التقدم وصون الهوية، وهو ما يجعل الأمن الثقافي المجتمعي حجر الزاوية في بناء مستقبل الأردن بثقة وقوة وثبات.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :