سمتان خطيرتان في قطاعي الزراعة والصناعة
محمود الخطاطبة
21-11-2024 12:52 AM
سمتان رئيستان خطيرتان تطغيان على قطاعي الزراعة والصناعة في الأردن، إذ تُبين الأرقام الرسمية أن نسبة العاملين غير الأردنيين في الأول تصل إلى 72 بالمائة، بينما تصل نسبتهم في الثاني لـ39 بالمائة.
أي دولة في العالم تُركز على هذين القطاعين، باعتبارهما عامودين أساسيين لبناء الأوطان والنهوض بها وتقدمها وازدهارها، إلى جانب طبعًا التعليم والصحة والطرق والمواصلات.
منذ نعومة أظافرنا ونحن ندرس حكمة تقول: «ويل لأُمة تأكل مما لا تزرع، وتلبس مما لا تخيط أو ما لا تصنع».. لكن يبدو أن هذه المقولة أو الحكمة عفا عليها الزمن، ووضعها الأردنيون خلف ظهورهم، حتى وصلنا إلى درجة نستورد فيها القمح، في وقت كان فيه الأردن يُصدر مادة القمح والعديد من الحبوب إلى العديد من الدول العربية الشقيقة.
لم يكتف الأردنيون بترك الزراعة وهجرها، بل بات الكثير منهم ينظر إليها على أنها أمر أقل من عادي، وساهمت في ذلك الحُكومات المُتعاقبة، من خلال قرارات وإجراءات أصدرتها، وسياسات تبنتها، من شأنها تدمير الزراعة بشكل مُمنهج، وبالتالي بات مُعظمنا يعتبرها مهنة «وضيعة»، لا تُسمن ولا تغني من جوع، ولا تُقدم ولا تؤخر، مع أن العكس هو الصحيح تمامًا.
لم يكتفوا بذلك، حتى بات الكثير من الأردنيين، الأصل أنهم أبناء مُزارعين، يلفظون مهنة الزراعة، قولًا وفعلًا، ومن قبلهم أيضًا الحُكومات والقائمين على الزراعة في هذا الوطن.. فهل يعلم صناع القرار بأن عدد الأردنيين العاملين في الزراعة يبلغ 4850 فقط؟، بينما يوجد بالمُقابل أكثر من 12500 عامل غير أردني.
ومن المعلوم بأن العامل غير الأردني، همه الأول والأخير هو جني الأموال، ومن ثم تحويلها إلى بلده.. وهُنا لا يستفيد منها الأردن، بل المُستفيد الأساس هو بلد ذلك العامل، ثم هُناك نقطة رئيسة ثانية، تتمثل بأن عمال الزراعة غير الأردنيين، لا يُعيرون أي اهتمام لنجاح الزراعة أو فشلها، أو أن هذه النبته تصلح في منطقة مُعينة ولا تصلح في منطقة ثانية، فمُرادهم معروف للجميع!.
أما المحور الثاني، أي القطاع الصناعي، فقد كشفت الأرقام الرسمية عن أن عدد الأردنيين العاملين فيه لا يتجاوز الـ143 ألف، بالمُقابل هُناك أكثر من 90 ألف عامل غير أردني.
ولا يوجد أي داع لذكر أهمية هذا القطاع، للذي يشمل ثلاثة أنشطة اقتصادية، هي: الصناعات التحويلية، التعدين واستغلال المحاجر، إمدادات الكهرباء والغاز، فالكثير من الاقتصاديين والخُبراء في هذا الشأن، يعلمون علم اليقين أهمية هذا القطاع، وما يُقدمه من رفد للخزينة، ومُساهمته في النهوض بالوطن وتقدمه.
مرة ثانية، تلك سمتان خطيرتان على قطاعي الزراعة والصناعة، في وطن يقع بمنطقة مُلتهبة، وما يزال يلهث حتى يستطيع أن يُثبت أو يحافظ على استقراره الاقتصادي، جراء الحروب والنزاعات والصراعات من حوله.. فعندما يكون أكثر من ثلث العاملين في القطاع الصناعي، ونحو ثُلثي العاملين في القطاع الزراعي، هم غير أردنيين، فذلك مُدعاة للقلق والخوف على مُستقبل الأمن الغذائي، ويضع أكثر من علامة استفهام واستغراب جراء الصمت على ما يحدث في هذين القطاعين.
الغد