أمريكا واسرائيل تطويان عملية السلام
كمال زكارنة
20-11-2024 12:10 PM
لم تعد الولايات المتحدة ولا دولة الاحتلال تأتيان على ذكر عملية السلام في الشرق الاوسط،التي اصبحت من ذكريات الماضي ،رغم انها اخذت جهدا دوليا استمر ثلاثة عقود ونصف العقد بشكل رسمي وعلني ،دون احتساب سنوات العمل السري بين اسرائيل من جهة والعرب من جهة اخرى .
كل الجهود التي بذلت منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي ،بمشاركة امريكية واوروبية وقليمية وعربية يبدو انها ذهبت ادراج الرياح،وطوتها مواقف الكيان الرافضة بالمطلق التوصل الى اية صيغة للسلام، بدعم امريكي كامل ،وتراجع اوروبي وتحلل من المسؤولية ،وتعطيل دور مجلس الامن الدولي والجمعية العامة للام المتحدة ،والمؤسسات الدولية الاخرى القانونية والقضائية والحقوقية والانسانية.
اضاعوا ما يقارب خمسة وثلاثين عاما من العمل، دون جدوى ودون التوصل الى اية نتائج ملموسة،وعادوا الى نقطة الصفر والمربع الاول ،ويحاولون اليوم توجيه البوصلة نحو تحقيق وتنفيذ المشروع الاحتلالي في فلسطين المحتلة ،ثم التوسع جغرافيا على حساب الدول العربية ،والقيام بعملية النقل السكاني ،من اجل تهويد فلسطين من النهر الى البحر.
وبدلا من احلال السلام ،نراهم يزرعون حقول التفجير في المنطقة ،ويعملون على اجبار العرب على قبول المشاريع الاسرائيلية ،ويدعمونها امريكيا واوروبيا ،مما يشكل عودة صريحة وواضحة للقوى الاستعمارية الى منطقتنا ،ومحاولة السيطرة عليها ،وتجريدها تماما من عناصر السيادة والاستقلال والقرار المستقل ،والعبث في شؤونها الداخلية وتوجيهها وفقا لمصالحهم ورغباتهم ،وبما يخدم نظريات الامن الاسرائيلية التي لا حدود لها ولا نهاية.
لا تخفي الولايات المتحدة الامريكية وتتبعها في ذلك بعض الدول الاوروبية،تبني جميع الطروحات والمطالب والشروط والرغبات الاسرائيلية على حساب الدول العربية ،والتلويح باستخدام القوة والتدخل العسكري في اي لحظة في حال مخالفة او معارضة الافكار الامريكية ،التي هي نسخة مصورة عن الافكار الاسرائيلية .
نسفت امريكا عملية السلام التي قادتها بنفسها عقودا من الزمن ،وابطلت مفعول الدور الاوروبي الذي شارك في جهودها ،وها هي تحاول استبدالها بفرض صيغ ومشاريع ومخططات جديدة ،كلها تصب في مصلحة الكيان المحتل ،وتلغي الحقوق العربية والفلسطينية بالذات ،مثل صفقة القرن ،والدولة اليهودية احادية القومية وضم الضفة الغربية وفرض السيادة الاسرائيلية الاحتلالية عليها ،وعدم الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة والمشروعة ،والتراجع عن الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة على ارضه،وهذا المبدأ الاساسي والرئيسي الذي يشكل الرافعة الوحيدة للسلام والامن والاستقرار في الشرق الاوسط،بل يزداد الطموح والجشع التوسعي العدواني الاسرائيلي بالتوسع اكثر واكثر جغرافيا ،والسيطرة الامنية والاقتصادية والسياسية في المنطقة العربية.
خذلت امريكا العرب ،وتلاعبت بحقوقهم واستغلتها في مجالات متعددة،ولم تتعامل مع مشروع السلام الشرق اوسطي بشكل مؤسسي ،وانما بشكل شخصي وفردي ،لذلك لم يكتسب الجدية اللازمة ولا الاهتمام الكافي من قبل الادارات الامريكية المتلاحقة،اما اسرائيليا فلم يجد هذا المشروع الافتراضي الا الرفض الدائم والتصدي لكل جهود السلام وافشالها .
المشهد السياسي في الشرق الاوسط يمكن تلخيصه بأن المنطقة امام حلول مفروضة بالقوة ،وليست حلولا عادلة منصفة قابلة للديمومة ،وقادرة على حفظ امن واستقرار دول وشعوب المنطقة،بل تقود الى حروب دموية قادمة.