رسائل البخيت الأخيرة .. من الدفاع إلى الهجوم
حسين الرواشدة
30-05-2011 04:13 AM
لا أدري إذا كانت «تصريحات» د. البخيت الأخيرة حول «قضايا» الفساد قد جاءت في وقتها المناسب أم لا ؟
ثمة من فهم «التهديدات» التي أطلقت في سياقات أخرى، وثمة من ربط بين رسائلها وبين «أحوال» الحكومة بعد استقالة الوزيرين، ومع أن المسألة لا تحتاج للكثير من «الاجتهاد» والتفسير، إلا أن من حق المراقب أن يتوقف عند هذه النقلة» النوعية في الخطاب الحكومي، وفي «نبرة» رئيس الوزراء تحديدا، بخاصة وسط هذه الظروف التي ما زال «إيقاعها» يضرب دولنا ومنطقتنا بالكامل.
لغايات الفهم – فقط - أعتقد أن د. البخيت أدرك أن ثمة «قوى» مختلفة، بعضها معروف والآخر مجهول، تحاول أن تدخل على خط «التشويش» مع الحكومة، لعرقلة خطواتها وإعطاء انطباع عام بأنها حكومة «بطيئة» وغير قادرة على حمل «أعباء» المرحلة، كما أدرك أيضا أن «الجزرة» التي حاول أن يستخدمها لاستيعاب حراك الشارع يمكن ان تفهم في سياق «الضعف» وعدم الحزم لهذا كان لا بد من تجريب منطق «التلويح» بالعصا، أو «التخويف» مما قد تنتهي إليه الأمور في حال الصمت عما يحدث من تجاوزات.
خطاب «النبرة» العالية قد يفهم منه أيضا أن الحكومة تحاول أن تثبت أنها ما تزال قادرة على «الإمساك» بزمام المبادرة، وأن استقالة الوزيرين وما حدث بعدها من «تصريحات» متبادلة هي إنجاز للحكومة وليست مشكلة، وبالتالي فإنها «التقطت» أنفاسها الآن، وتريد ان تنتقل من دائرة الدفاع الى الهجوم.
المشكلة أن الذين فهموا هذه «التصريحات» في إطار «ادانة» حراكهم في مواجهة الفساد واصحابه أخذوا على د. البخيت أن رسالته جاءت متأخرة، وأنه كان يجب أن توجه الى «بؤر» الفساد لا الى منتقديه وبالتالي فإن قطع «الحديث» عن الفاسدين وتبديد الشائعات التي دخلت على الخط تحتاج الى إجراءات سريعة لمعالجة هذا الملف والحكومة هي الجهة المخولة باتخاذ هذه الإجراءات ولو كانت سارعت لاتخاذها في الوقت المناسب وبالشكل المطلوب لما وصلنا لهذه الاشتباكات ولما احتجنا ايضا لهذه التهديدات.
بصراحة.. أعتقد أن خطاب الحكومة والدولة «عموما» في الشهور الأربعة الماضية كان ناجحا نسبيا بـ «استيعاب» حراك الناس ومطالبهم وبأن «تجربة» الانصات والاستجابة والتعامل بمنطق «اللين» والحوار والتفاهم وسعة الصدر ساعدت بتهدئة الناس و «امتصاص» احتجاجاتهم وتطمينهم على المستقبل.
والسؤال: هل نحتاج لتجريب «وصفة» أخرى أو الى «خطاب» جديد في المرحلة القادمة؟ وهل ثمة قراءات للمشهد الأردني القادم تدفع باتجاه انتهاج اساليب وادوات جديدة غير تلك التي جربناها فيما مضى؟ أعتقد أنه من الخطأ أن نفكر بذلك، وأعتقد أيضا أن الجديد الذي يمكن ان نعيد النظر فيه هو آلية اخراج مشروع الإصلاح الى دائرة العمل السريع، وآلية حشد الناس وتوحيدهم على ارضية واحدة وحول مشروع واحد وهذا يحتاج لخطاب «تمكين» لا إلى خطاب «تهديد» وأولى خطاب مراجعة خطاب حساب واستيعاب لا خطاب ترويج واقصاء وارتياب.
الدستور