فأرة القرعة ومستنقع العراق!!
13-08-2007 03:00 AM
من بديهيات الأمور أنك قد تعرف كيف تشعل حرباً من لا شيء!، أو تقدر أن تؤجج نيرانها بأدنى شيء، وتنفخ فيها وتذكيها بكل شيء، لكنه من سابع المحالات أن تقدر أن توقفها إن أردت، أو حتى تتنبأ بمتى ستضع أوزارها!، فدخول حرب مهما صغرت، ليس كالخروج منها، فحتى دخول الحمام يقتضي بعضاً من التبدلات، التي تجعل الخروج منه مختلفاً!.وإذا كان الحياء قد جعل البعض من المستمتعين بحمامهم، كما تقول حكاية المثل الشعبي، يدفعون حياتهم ثمنا لحيائهم!، فالخروج من الحرب أيضاً سيكلف ثمناً أبهظ مما توقعه أولئك الذين هندسوها وأشعلوها، وجعلوها نزهة ريفيرا بعيون مواطنيهم!!.
ففي الحمام التركي الذي اشتعلت فيه النيران على حين غرة، كما يروى، هرب كثير من رواده عراة، إلا من بعض رغوة الصابون، تحت همهمة ألسنة اللهب والصخب، إلا أن القليل منهم قضوا نحبهم شواء بفم النار، فحياؤهم منعهم من الهرب عراة، فقال الناس قولتهم الشهيرة، التي درجت مثلا فيما بعد:اللي استحوا ماتوا!!!.
لكن دخول حبة قرع بحجم بطيخة، يقتضي التفكير والتدبير، فالفأر الجائع قد أحدث ثقباً صغيراً في جدار هذه القرعة بأسنانه الحادة، ودخل إلى لبها، ورتع في خيراتها، وتسلى ببذورها، وبما أن الحياة في الداخل مريحة وسهلة، ما دام الطعام (حبطرشاً)، فإن الخروج لم يخطر على بال الفأر، الذي تضخم وتنبل وأصبح بحجم جرذ!!.
وتمر الأيام، والطعام في داخل القرعة ينضب ويجف، فيهم الفار متثاقلا بالخروج، لكنه يجد جسمه قد تورم وانتفخ، بحيث أن الثقب الذي دخل منه، لا يستطيع أن يخرج عن طريقه، ففكر الفأر وقدر، أن السبيل الوحيد للخلاص من سجن ومهزلة القرعة، التي اشتدت وأصبحت يابسة كالصخر، الحل الوحيد أن يعود بجسمه إلى وضعه الطبيعي، فضرب على نفسه صوما إجباريا وريجيما قاسيا، حتى عاد صغيراً وهزيلاً، أكثر من هزله وضعفه، عندما دخل إلى القرعة أول أمره!!.
الأمريكان لن يخرجوا من المستنقع العراق بذات طريقة فأر القرعة، فقد أتخموا بدماء العراقيين وتضخموا، ولن يخرجوا منتشين منتصرين إلى المجتمع الدولي، الذي يعرف حقاً باطل هذا الحرب وباطل مبرراتها، فالشمس لا يسكتها غربال بال، لكن خروجهم حتماً، سيكون هزيمة ليست محتشمة، حتى لو تظاهروا بالنصر وتحقيق الأهداف، فشرش الحياء قد طق من بين عيون أمريكيا منذ فيتنام، فهم يغالطون المحسوس والملموس، ولهذا لن ينالوا حكم الذين استحوا فماتوا حياء!!.
ربما على الأمريكان أن يخسروا من أوزانهم وأوهامهم، وكبريائهم الزائف، وبلادتهم التي ازدادت بدماء العراقيين، عليهم أن يخسروا دماً آخر يوازي ما شربوه وأراقوه، ولهذا ستكون الحرب الأهلية حتمية، كي يكون الدم العراقي هو الذي يقابل الدم العراقي، فهذا سبيل أمريكيا الوحيد للخروج من هذا المستنقع: سبيل الدم بالدم!!.
ramzi972@hotmail.com