من المؤسف أن نقرأ مقالات تغيب عنها المِهنية السِياسية وتُبنى على التلميحات المُبطنة والإتهامات دون أي أساس واضح أو أدلة ملموسة.
بدايةً ما قام به النائب صالح العرموطي هو ممارسة حقه الدستوري والديمقراطي الذي كفله القانون لكل نائب في البرلمان.
ترشحه لرئاسة مجلس النواب لم يكن قرارًا عشوائيًا أو نتيجة استغلال من أي جهة، بل كان استجابة طبيعية لموقعه الشعبي والسياسي كممثلٍ بارز للوطن والمواطنين، وكرجل له مسيرة مشرفة ومواقف وطنية نزيهة يشهد لها الجميع.
هناك حقائق ينبغي عدم إغفالها:
1. حق الترشح والاختيار:
الزج بمصطلحات مثل “استخدموك” أو “مطية” هو تجاوز صريح ومرفوض بحق نائب مارس حقه الديمقراطي وأثبت نزاهته طوال مسيرته.
هذه لغة لا تخدم النقاش السياسي الناضج ولا تعبر عن فهم حقيقي للعمل البرلماني.
2. الاستقلالية والقرار الذاتي:
النائب صالح العرموطي شخصية مستقلة، معروفة بحكمتها ووعيها السياسي.
محاولة الإيحاء بأنه “أُقنع” أو “دُفع” دون إرادته هو تقليل من شأن رجل له باع طويل في السياسة والبرلمان.
قراره بالترشح جاء بناءً على رؤية واضحة ورغبة حقيقية في إحداث تغيير، حتى لو لم يتحقق ذلك في هذه الجولة.
3. التحالفات والبراغماتية السياسية:
ما حدث في انتخابات مجلس النواب هو أمر طبيعي في سياق الديمقراطيات، حيث تتداخل المصالح والتحالفات.
تحميل جهة بعينها مسؤولية خسارة العرموطي أو تصويرها على أنها “زجت به” هو تحليل سطحي يفتقر لفهم الديناميكيات البرلمانية.
العرموطي لم يكن أداة في يد أحد، بل كان رمزًا لرؤية وطنية تسعى إلى الإصلاح.
4. الديمقراطية ليست خسارة:
الترشح والخسارة ليسا دليلين على الفشل، بل هما جزء من العملية الديمقراطية التي تتطلب المحاولة والسعي.
من ينتقد العرموطي بسبب خسارته ينسى أن الديمقراطية تقوم على المنافسة الشريفة، وليس على ضمان النتائج.
الرجل لم يخسر قيمته أو شعبيته، بل خرج أكثر احترامًا لأنه لم يتنازل عن مبادئه ولم يُساوم.
5. اللغة السياسية المتهكمة:
استخدام عبارات مثل “سكرتك”، “بوز مدفع”، و”مطية” في المقال يُعد خروجًا عن إطار الاحترام الواجب عند تناول شخصيات عامة، خاصة إذا كان الحديث عن شخصية مثل صالح العرموطي الذي عُرف بوطنيته ونزاهته.
هذه اللغة لا تليق بمقال سياسي يُفترض أنه يهدف إلى النقد البناء.
اما الحديث عن “استغلال الدين” و”الأطر الصورية” هو اتهام عام يُطلق دون أدلة واضحة.
الجميع يعلم أن العرموطي لا يمثل جماعة دينية بعينها، بل يمثل شعب وأمته، ومواقفه السياسية لا تُبنى على شعارات دينية، بل على مبادئ وطنية وحقوقية.
بدلًا من محاولة النيل من سمعة شخصية وطنية بحجم صالح العرموطي، كان الأولى أن يُناقش المقال القضايا الحقيقية التي طرحها خلال ترشحه، وأن يُقيّم أداء المجلس بشكل موضوعي. فالأردن اليوم بحاجة إلى نقاشات سياسية واعية ومسؤولة تركز على الإصلاح والتطوير بدلًا من الاتهامات الجوفاء والتجريح الشخصي.
صالح العرموطي لم يخسر شيئًا بترشحه، بل عزز حضوره في المشهد السياسي كرمز للشجاعة والشفافية.
خسارته لم تكن فشلًا له، بل ربما فشل للمشهد السياسي الذي لم ينجح في احتضان شخصيات وطنية مخلصة تسعى للتغيير الحقيقي.
ما نحتاجه الآن هو احترام التجربة الديمقراطية والعمل على تحسينها، بدلًا من السخرية من رموزها وتشويه صورتها.