من البرلمان إلى المواطن .. رسالة قائد يصنع الأمل
حاتم القرعان
18-11-2024 03:55 PM
في صباح يوم مشرق، امتزجت فيه نسائم الخريف برائحة الأرض الأردنية الطيبة، وقف الملك عبد الله الثاني أمام أعضاء مجلس الأمة. كان المكان مهيبًا، قبة البرلمان شاهدة على لحظة فارقة، والعيون تترقب الكلمات التي ستنطلق من قلب القائد.
بصوت هادئ يحمل في ثناياه القوة، قال الملك: "باسم الله، وعلى بركة الله نفتتح الدورة العادية لمجلس الأمة العشرين". لحظة صمت تبعتها أنفاس متلهفة. لم يكن الحضور مجرد نواب وأعيان، بل امتدادًا لكل أردني ينتظر من يمثله، من يحمل صوته وآماله.
استهل الملك حديثه برسالة تحمل الأمل والمسؤولية معًا. قال: "أنتم اليوم أمام مسؤولية كبيرة. مسؤولية لا تقتصر على الألقاب، بل على البرامج والأفكار". بدا وكأن الزمان توقف، وكأن الجميع أعاد التفكير في معنى الواجب الذي أوكل إليهم.
ثم تحدث عن الشباب، عن الجيل الذي سيحمل راية الوطن غدًا. كانت كلماته موجهة ليس فقط إلى النواب، بل إلى كل شاب أردني يستيقظ على حلم أفضل. قال الملك: "هدفنا تمكين الشباب وإعدادهم لوظائف المستقبل. هذا الوطن مليء بالكفاءات، ومن واجبنا أن نوفر لهم المساحات التي يستحقونها".
في حديثه، لم يغفل الملك دور المرأة، مشيدًا بمكانتها وشجاعتها، داعيًا إلى تعزيز حضورها في صنع القرار. كان حديثًا يحمل الوعد والتحدي معًا، بأن الأردن لا يمكن أن يتقدم إلا بمشاركة كاملة من كل أبنائه وبناته.
ومع انتقال الحديث إلى الاقتصاد، كانت النبرة واضحة: الطريق صعب، لكن الأفق مفتوح. قال الملك: "علينا مواصلة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، لنطلق إمكانات هذا الوطن، ونحقق معدلات نمو تجعل حياة كل أردني أفضل". بدا كأنه يرسم خارطة طريق لا تعرف اليأس، بل العمل الدؤوب والمثابرة.
ثم جاءت اللحظة التي انتظرها الجميع. القدس. المدينة التي تحمل عبق التاريخ وروح العروبة. بصوت مليء بالعزم، قال الملك: "ستبقى قدس العروبة أولوية أردنية هاشمية. نحن هنا لنحمي مقدساتها، وندافع عن حق الأمة فيها". كانت كلماته أشبه بوعد قاطع، لا يتزحزح أمام الضغوط أو التحديات.
وفي نهاية الخطاب، توجه الملك بالحديث عن الجيش والأجهزة الأمنية، وصفهم بأنهم ليسوا مجرد حماة للحدود، بل حماة لكرامة الوطن. قال: "جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية مصدر فخرنا واعتزازنا، وسيبقون الدرع الذي يحمي هذا البيت الكبير".
عندما انتهى الملك من كلماته، كان الصمت سيد الموقف. لم تكن الكلمات عابرة، بل رسالة تسللت إلى قلوب الجميع. النواب غادروا القاعة، لكن شيئًا ما ظل يتردد في أذهانهم، وفي أذهان كل أردني تابع هذا الخطاب.
في طريقه إلى مغادرة البرلمان، توقف الملك للحظة. نظر حوله، وكأنه يرى كل أردني أمامه، وقال لمن حوله: "الأردن قصة لا تنتهي. نحن هنا لنكتب فصولها القادمة معًا".
وهكذا، كان خطاب العرش هذا العام ليس مجرد كلمات ألقيت في قاعة، بل وعدًا بأن الوطن سيبقى أقوى، وأن المستقبل يُصنع بأيدي أبنائه وإرادة قائده.
حفظ الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثّاني بن الحسين وولي عهده الأمين.