الدعم الاستهلاكي وتراجع الايرادات!
عصام قضماني
18-11-2024 01:00 AM
قبل ان يذهب البعض بعيدا اريد ان اثبت هنا انني لا اطالب عبر هذا العمود بالغاء الدعم بكل اشكاله بل بتنظيمه ان كان الهدف هو تعزيز منعة الشرائح الفقيرة في المجتمع.
شخصيا انا مع دعم الصناعة كما تفعل دول كثيرة اذا كان هذا الدعم سينعكس في زيادة الانتاج ورفع وتيرة المنافسة وزيادة الصادرات التي تجلب عملة صعبة.
ما اقصده هنا هو الدعم الاستهلاكي المنفلت الذي يقارب المليار دينار سنويا وهو المبلغ الذي تصادف انه يعادل قيمة تراجع الايرادات العامة بنحو ٩٠٠ مليون دينار مع اغلاق الحسابات الختامية لهذه السنة كما تعبر عنه الموازنة، ويقع تحديدا في بند الايرادات الضريبية عموما وبتفاوت، وتصادف ايضا ان هذا التراجع يعادل التراجع في الايرادات الذي تحقق خلال تداعيات وباء كورونا وقد كانت المبالغة في بعض الاجراءات ومنها الاغلاقات لمدد طويلة احد اسبابها ولا اظن اننا تعافينا بعد من تداعيات الاجراءات رغم اننا تعافينا من الوباء المزعوم ?و الانفلونزا الجديدة وهي الاجراءات التي تحتاج الى مراجعة نتعلم منها دروسا نحتاجها في خططنا المستقبلية وليس لغرض المحاسبة والمساءلة مع انها مطلوبة.
الحكومة تدعم سلعا وخدمات بنحو مليار دينار سنويا ويزيد، مياه كهرباء خبز علاج وغيرها، وهو نزيف لا بد من ان نتوقف عنده كثيرا.
الدعم الاستهلاكي هو احد المشكلات الاقتصادية التي تبحث عن حل منذ عشرات السنوات وقد جربت حكومات بعض الحلول غير المقنعة والتي لم تحقق النتائج المرجوة ومنها. توجيه الدعم لمستحقيه، أي الفقراء ومحدودي الدخل، بدلا من السلعة التي يشتريها الفقير والغني، الأردني وغيرالأردني، على قدم المساواة، في حين أن دعم الأفراد يذهب لمستحقي الدعم فقط،
توجيه الدعم للمستحقين من المواطنين دون غيرهم يعني تخفيض كلفة الدعم إلى النصف، بحيث يمكن توجيه النصف الآخر
لتخفيض عجز الموازنة أو لأغراض تنموية بدلا من تخفيض النفقات الراسمالية كحل لتراجع الايرادات.
هناك من سيقول ان اتخاذ مثل هذه الاجراءات الضرورية هي املاءات من صندوق النقد ومؤسسات دولية ونحن نقول لنتوقف ونطرح السؤال الصعب، هل الاستدانة لتغطية العجز وجزء منه الدعم هي املاءات من الصندوق ام انها من صنع ايدينا، على العكس الصندوق وعبر كل برامجه ومراجعاته كان ولا زال يطلق صافرات الانذار من اوسع المديونية فايهما اولى ان نتبعه، حاجاتنا وطريقنا للاكتفاء الذاتي ام الاعتماد على الغير.
خذ مثلا اسطوانة الغاز التي تم تثبيت سعرها عند 7 دنانير بالرغم من أن كلفتها نحو 10دنانير..ولا يختلف الامر كثيرا في موضوع الخبر والطحين والاعلاف التي يذهب الدعم فيها الى مواشي غير موجودة وكذلك المياه الذي تدعم الخزينة فيه الاسراف والهدر ولا الكهرباء ولا العلاجات الناجم عن ضعف كفاءة المستشفيات العامة بمبانيها الضخمة التي تفتقر الى كوادر واطباء.
في استطلاع غير رسمي تبين ان نصف الدعم يذهب الى غير المستحقين بينما تعتري الالية تشوهات تصل الى درجة الشك بان الدعم يذهب في نصفه الاخر الى المستحقين الفعليين كما في حالة المياه والاعلاف.
مقترح هنا ان تبدأ الحكومة الية مبتكرة مرتبط بجدول زمني يتدرج في التخفيف من الدعم وحصره بالمستحقين الفعليين يسبق ذلك قاعدة بيانات محكمة.
الرأي