facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




في زمن الإنحطاط .. العبودية الحديثة صناعة رأس المال


صالح الراشد
17-11-2024 04:59 PM

تطورت معاني الرق والعبودية مع مرور السنين كما تطورت طرق استرقاق الآخرين من الشراء الكلي إلى شراء الجهد في العمل، ليظهر رأس المال كقوة خطيرة في استعباد المواطنين في شتى بقاع العالم بفضل قدرته على التلاعب بالقوانين والأنظمة وتجييرها حسب مصالحه، ولم تنجو من عبوديتهم إلا بعض الدول التي تضع الإنسانية واحترام الجميع في مقدمة أهدافها، ليهرب رأس المال من تلك الدول صوب دول لا تهتم إلا بالمال حتى لو كان على حساب مواطنيها، لتسقط غالبية دول العالم الثالث في نشر العبودية وتشاركها في هذه الجريمة عديد الدول المعتمدة على قوة رأس المال القاهر لرغبات وقدرات وأمنيات الشعوب.

وحسب التقرير العالمي للعبودية الحديثة فانها تشمل "العمالة القسرية والزواج القسري أو الاستعبادي وعبودية الدَّيْن والاستغلال الجنسي التجاري القسري وتهريب البشر والممارسات الأشبه بالعبودية وبيع واستغلال الأطفال"، ويقوم المبدأ الأساسي للعبودية على "الإزالة المنهجية لحرية شخص ما" من حق قبول أو رفض العمل وصولا إلى حرية تحديد الرغبة في الزواج ومتى وممّن، وفي مجال العمل يعتبر الفصل السريع لأي موظف هو المقصلة التي يحكم بها رأس المال أحلام الفقراء، وينجو هؤلاء القتلة من جرائمهم بجعل الموظف يختار بين العقوبة الظالمة او الاستقالة، فيختار الموظف الاستقالة على أمل إبقاء باب الأمل مفتوحا للذهاب للعمل في مقصلة أخرى.

لقد أخطأت الحكومات التي سيدت رأس المال على شعوبها وجعلته السيد المُطاع في زمن اعتبره الفلاسفة بالإجماع زمن التفاهة، حيث لا تملك دولة القوة على مواجهة مسيرة رأس المال ودورته بشراء الذمم الفاسدة وتدمير كل من يعترض طريقه، ليكون بمثابة الإرهاب الحقيقي القادر على الفتك بالنفوس والأحلام كونه فوق القوانين بل وللحقيقة هو من يصنعها لتختفي القيم العليا في المجتمعات ويحل مكانها قيمة الربح المالي حتى ولو كان ثمنها سحق أرواح الآخرين، لنجد أن المال بيد القلة القليلة من الشعوب ولأجل وصول لعضوية هذه الفئة القليلة لا بد من استغلال العاملين للحد الأقصى واستخلاص طاقاتهم مقابل القليل من المال، فيزداد عدد الفقراء بانضمام فرد جديد لقافلة الأسياد، فيما ينحدر الكثيرون لمرحلة العبيد ليصبح النظام العالمي في المرتبة خطر محدق وشمولي.

لقد أصبح الإقطاعيون الجدد يتحكمون بكل شيء في المجتمعات ويحددون صحة القوانين والأنظمة من عدمها، لينتج المجتمع بفضل جامعاته ومؤسساته موظفين غايتهم المحافظة على سطوة وسيطرة رأس المال، بفعل عملهم كآلات لا تتوقف لزيادة مال الأغنياء الذي أصبح المعيار الرئيسي في تحديد قيمة الإنسان في زمن لا يستحق إلا أن يقال عنه عصر التفاهة لتطبيقه المثل المصري "معك قرش تساوي قرش"، ليصبح الصراع بين من يُريدون أن يكون ضمن القروش الكبيرة التي تلتهم الأسمال الصغيرة وبين من يبحثون عن القروش للبقاء على قيد الحياة.

آخر الكلام:

رأس المال في غالبه كافر وغير إنساني، فالعديد من الحروب في العصر الحديث قامت لأسباب اقتصادية وفرض الهيمنة على مقدرات الدول، كما ان انتشار الأوبئة كان لرغبة شركات الادوية في زيادة أرباحها، وجميع هذه المؤسسات والشركات تعود لأشخاص يعشقون المال أكثر من حياة الآخرين ليكونوا صُناع للموت، لنجد أننا في عصر العبودية الحقيقية في زمن أكاذيب الحرية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :