لقد عجزت إسرائيل عن حسم معركة غزة بعد أكثر من سنة كاملة أزالت فيها كل معالم الحياة الإنسانية، في قصف لم تشهده أي حرب سابقة، بهذة الوحشيه حيث تم استهداف المجمعات السكنية والمؤسسات التعليمية والصحية، ومارست إسرائيل سياسة التجويع ومنع تقديم الخدمات الطبية، تعدت ذلك إلى استهداف الأونروا وغير ذلك من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لقد ركزت العقيدة العسكرية "الإسرائيلية" على أن "إسرائيل" تمتلك جيشا قادرا على حسم أية معركة إذا شُنت عليه بعد امتصاص زخمها الأول، إذ أن هذا الجيش وحسبما صورت أجهزة الدعاية الإسرائيلية المحلية والعالمية، هو الجيش الأقوى والأقدر على خوض الحروب الحديثة بكل صفاتها على مستوى المنطقة، وأنه الجيش الذي لا يقهر، ولم يخسر معركة عسكرية في كل تاريخه، وأن الجيش الإسرائيلي بُني على عقيدة واحدة وهي تفوقه على الجيوش العربية مجتمعة، وأن الدعم الأمريكي المتعدد الأوجه، لا سيما الحربي كفيل بمعالجة أي خلل قد يصيب المؤسسة العسكرية في واحدة من مراحل الحرب.
ومع ما في هذه الطرح من خلل إذا ما أخذنا تجربة العبور في حرب أكتوبر 1973، التي أذهلت العدو وشلت فكر قياداته ولم يتمكن من استعادة توازنه إلا بعد عدة أيام من نشوب الحرب وبدعم تسليحي أمريكي عبر جسر جوي بعد ان تم تدمير خط بارليف المنيع، وعبور الحاجز المائي مثل قناة السويس وارتقاء الساتر الترابي الذي أقامته إسرائيل على ضفة القناة الشرقية، كان أحد الدروس المستخلصة من تلك الحرب، كما أن صولة أحد الألوية المدرعة الأردنية اللواء المدرع أربعين بقيادة المرحوم خالد هجهوج المجالي في حرب تشرين والذي أوقف هجوم عدة ألوية مدرعة وآلية إسرائيلية ، على جبهة دمشق كان كافيا لصد الهجوم الذي كاد أن يُسقط العاصمة السورية دمشق .
.
فمن خلال متابعة مجريات الحرب التي عاشتها المنطقة منذ السابع من تشرين الأول 2023 وحتى الآن، تأكد لنا أن سلاح الجو الإسرائيلي نجح في إحداث دمار واسع النطاق بحيث حوَل غزة إلى مدينة أشباح وركام، ما كان لفرق مشاة أو مدرعة أن تحقق جزءً منه في غزة ومن ثم في لبنان، ثم إن الخسائر في الأفراد لدى إسرائيل لا يمكن مقارنتها بأعداد الضحايا الذين سقطوا جراء سياسة الأرض المحروقة التي اعتمدتها إسرائيل في الحرب، ويبدو أن الخسائر الهائلة في الجانب الفلسطيني واللبناني، أدت إلى إثارة نقمة آخذة بالتصاعد على الوحشية الإسرائيلية، ولم تستثنِ الجهات المحلية التي تظن أنها السبب في تحريك نزعة التعطش للقتل التي تتأجج في أوساط الحكومة الاسرائلية اليمينية , فبعد قرابة عام من القتال في غزة، أصبح الجيش الإسرائيلي متعباً، واستنزف مخزون الذخائر مع تزايد عدد القتلى العسكريين ، ويواجه قادة إسرائيل ضعفاً في الدعم الشعبي، فيما تضرّرَ اقتصاد إسرائيل، وتآكلت مكانتها الدولية والإقليمية بشكل كبير.
ويدرك المخططون العسكريون في الجيش الاسرائيلي تمام الإدراك أن القدرات القتالية الأكثر تقدماً التي يمتلكها “حزب الله مختلفة تمام الاختلاف عن حماس اذ بلغ متوسط حجم قوات حزب الله 45 ألف مقاتل من بينهم نحو 20 ألفاً يعملون بدوام كامل و25 ألفاً من جنود الاحتياط. وترسانة من الأسلحة المتطورة التي لديه والتي تشمل مخزوناً كبيراً ومتنوعاً من صواريخ المدفعية غير الموجهة، فضلاً عن الصواريخ الباليستية والصواريخ المضادة للطائرات والصواريخ المضادة للدبابات والسفن.
وتشير بعض التقديرات إلى أن ترسانة “حزب الله” من الصواريخ والقذائف والمسيّرات تبلغ 150,000 على الأقل، أي عشرة أضعاف الذخائر التي كانت بحوزته خلال حرب عام 2006، مستفيداً من الدعم الإيراني.ناهيك عن سلاح المسيّرات التي اجهدت واربكت قدرات إسرائيل، وخاصة من خلال استهداف المناطق والقواعد العسكرية الاسرائيليه ولم يستهدف حزب الله حتى الان المناطق المدنية، كما ان الحزب عزز قدرته بشبكة أنفاق ومخابئ في جنوب لبنان لإيواء وحدات المدفعية المتنقلة من بين الأصول الأخرى بأمان من الضربات الجوية الإسرائيلية كما أن "حزب الله" تمكن بمساعدة إيران وكوريا الشمالية منذ 18 عاماً، من تشييد أنفاق هجومية واستراتيجية كثيفة ومعقدة.في الجنوب اللبناني .كل هذا في وقت نفد فيه مخزون إسرائيل من الصواريخ المعترضة للقبة الحديدية ومقلاع داوود وغيرها رغم فتح الولايات المتحدة مخازنها العسكرية لإسرائيل . وشمل ما يسمى بشبكة حماية الأجواء الإسرائيلية من أي هجوم جوي، فحصلت على منظومة باتريوت، وساعدت في إقامة القبة الحديدية ومنظومة مقلاع داوود، وأخيرا نقلت لها منظومة ثاد وهي أحدث ما أنتجته مصانع السلاح في الولايات المتحدة، ومن باب تسريع تشغيل المنظومة أرسلت الولايات المتحدة فريقا من الخبراء لتدريب الإسرائيليين على تشغليها. غير ان ما يستغربه المواطن العربي هو عدم تقديم الأسلحة الدفاعية الكافية من جانب روسيا الى سوريا والتى اصبح جوها مستباحا للطيران الحربي الاسراىيلي في شن الاعتداءات العديدة على الأراضي السورية رغم وجود الاتفاقيات العسكرية العديدة بين سوريا وروسيا ووجود قاعدة حميم العسكرية في شمال سوريا .
في الداخل اللبناني أرى ان حزب الله قد فقد مشروعيته الشعبية بقدرته على حماية لبنان، أما الدفاع فهو يقوم به اليوم بشكل ممتاز كي لا يمنح الفرصه لبعض الأصوات المعارضه له من أحزاب لبنانية أخرى ترى ان حزب الله اختطف القرار السيادي اللبناني والنى تطالب بتجريد حزب الله من سلاحه ”.
الحرب الحالية هي حرب اسرائيلية جديدة على لبنان تختلف ظروفها عن السابق ويدخل فيها العنصر الايراني بقوة أكثر من قبل، وبالتالي اسرائيل تريد القضاء على حزب الله وقدرة المقاومة لديه كما تريد ضرب الطائفة الشيعية وعزلها عن بقية اللبنانيين. ولابد من القول ان استراتيجية وحدة الساحات لم تثبت كفاءتها، أيضا والدليل أن ايران لم تضع معادلة ضرب اسرائيل مقابل ضرب لبنان”، لان ايران “تضع مصالحها وأمنها القومي على مصلحة أخرى،غير ان حزب الله وجوده في الساحة وفي مواجهة دولة متغطرسة لا تعير للقانون الدولى او قرارات الأمم المتحدة أي اعتبار ونقلة المعركة داخل إسرائيل ودفاعة المستميت عن الحدود اللبنانية أرى انه في النهاية سيجبر حكومة المتطرفين في إسرائيل النزول عن الشجرة وطلب وقف اطلاق النار رغم مادمرتة الة الكيان الاسرائيلى في لبنان .
ان القمة الإسلامية الى عقدت في الرياض مؤخرا بمشاركة إيران ومخاطبة البيان الختامي بالشقيقة ايران وإدانة أي اعتداء على الأراضي والحدود الإيرانية اشاعت روح الطمأنينة لدى لجانب الايراني من قبل دول الخليج ، ومع وجود إجماع عربي إسلامي على وقف اطلاق النار وحل الدولتين وإصدار بند حول حماية لبنان وهذا يضع السعودية في الصدارة العربية لقيادة القاطرة العربية بالتعاون مع الدول العربية المعنية بالقضية الفلسطينىة مثل الأردن ومصر للضغط على المجتمع الدولي ومجلس الامن لاتخاذ القرارات بوقف اطلاق النار وبحث مشروع السلام المقترح في القمة الإسلامية في الرياض.