فخورون في الأردن بجلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله، وشخصياً كذلك، والرسم البياني للأردن بقيادته اقتصادياً وسياسياً في صعود بنسبة 8.8% حسب الحكومة الإلكترونية، واتزان، وتطور دائم. والأوراق الملكية السبعة 2012 - 2017 خارطة لطريق وطننا الشامخ في صدارة العرب الذي أصبح منارة لهم واتجاهاً لترسيخ الديمقراطية والعمل الحزبي وإنتاج أردني وطني وعربي مخلص معطاء. والحزبية الناجحة عنوان المرحلة والمستقبل والبرلمان الحزبي الناجح، والعشيرة المِدماك الأول للبناء الحزبي والوطني أيضاً. وقول جلالته في احتفالية اليوبيل الفضي 2024 وسط العرض العسكري المتميز لقواتنا المسلحة الأردنية الباسلة / الجيش العربي: " ... وكلي فخر بأن أكون أردنياً"، واستلاله لسيفه بعد ذلك، وسام على صدورنا جميعاً نحن الأردنيين. وحديثي هنا يتخصص في الحديث في العلاقات الأردنية – السورية – الروسية التي أراها من زاوية أخرى، وقد لا يراها غيري وبنِيّات طيبة إن شاء الله.
ثمة تزامن بين استلام جلالة الملك عبد الله الثاني لسلطاته الدستورية عام 1999 بعد وفاة والده - مليكنا الراحل العظيم الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وبين وصول الرئيس بشار الأسد للحكم في دمشق بعد وفاة والده حافظ الأسد عام 2000، و بين صعود اسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيساً لروسيا الاتحادية عام 2000، وهو الرئيس للجولة الرئاسية الخامسة في بلاده الآن. وما يجمعنا هنا في الأردن مع سورية أكثر من حقيقة تفوق الجيرة والحسب والنسب، فالثورة العربية الكبرى الهاشمية التي انطلقت من مشارف مكة بقيادة شريف العرب وملكهم الحسين بن علي طيب الله ثراه استهدفت بناء دولة العرب، وتوحيد المنطقة الشامية "بلاد الشام " وبناء دولة الأردن، ووصل مسارها إلى دمشق، عندما تم توجيه الأمير عبد الله الأول تجاه الأردن لبناء الدولة ونواة الصحافة ومنها الاستقصائية، والأمير فيصل لبناء سورية والعراق.
وتعززت العلاقات الأردنية – السورية، وزيارات دافئة متبادلة بين جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس بشار الأسد لكل من عمان ودمشق، وسبق للرئيس حافظ الأسد أن قدم واجب العزاء بوفاة الحسين الراحل عام 1999، وأن قدم جلالة الملك عبد الله الثاني العزاء بوفاة حافظ الأسد عام 2000، ولقد شارك الرئيس بشار الأسد في قمة العرب بعمان عام 2001 بخطاب قومي، وهو كما والده الراحل رفض عودة الجولان – الهضبة العربية السورية المحتلة عام 1967 بشروط إسرائيلية عبر رابين وحسني مبارك وغيرهم مع فارق محاولة حافظ الأسد تحريرها عام 1973 عبر حرب تشرين العربية بمشاركة جيشي مصر والأردن، والتي انتهت بتحرير مساحات واسعة من مدينة "القنيطرة" الجولانية.
وشهد عام 2004 لقاء دافئاً بين جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس بشار الأسد في دمشق، فتم تدشين سد الوحدة على نهر اليرموك من خلاله، وهو الذي يخصص 80 مليون متر مكعب من مياه الري للأردن، ووصل الرئيس بشار الأسد إلى عمان عبر مطار ماركا عام 2009 في زيارة اعتبرت ناجحة ومرسخة للعلاقات الطيبة بين بلدينا العربيين الشقيقين.
وما يجمع الأردن بسورية كثير وكثير على مستوى الاقتصاد والمصادر المائية والسياسة والدبلوماسية، والمعروف أن سياسة الأردن قومية كما سورية، وحدود الرابع من حزيران 1967 تجمعنا وروسيا والمجتمع الدولي كله أيضاً، وهي دولية مع اختلاف التوجه والهدف بطبيعة الحال، حيث تميل بوصلة الأردن نحو الغرب، تجاه بريطانيا وأمريكا تحديداً، وله معاهدة سلام مع إسرائيل تمكن من خلالها تحرير إقليمي (الباقورة والغمر) عام 2019 بإصرار وجهد نوعي لجلالة الملك عبد الله الثاني يسجله التاريخ المعاصر، وتخدم القضية الفلسطينية والأشقاء الفلسطينيين. وتقيم سورية علاقات متوازنة مع دول العالم وفي مقدمتها كبرياتها مثل روسيا والصين وإيران واليابان وغيرهم.
وتقيم سورية علاقات واضحة إستراتيجية مع إيران التي تضررت سيادتها بخصوصها من قبل إسرائيل ولا تزال، ومع روسيا الاتحادية الحامية لها عبر قاعدتيها العسكريتين في حميميم الجوية شمالاً في اللاذقية وطرطوس التقنية جنوب غرب سوريا، وعبر التدخل العسكري في أزمتها عام 2015 ولصالح أمنها وسيادتها، وبقصد طرد الإرهاب فيها، وهو ما حصل فعلاً. وسبق للأردن أن قدم تضحيات جساماً في حروب العرب مع إسرائيل لصالح سورية وفلسطين ولبنان، ومع الإرهاب الداعشي في حادثة الرقة واستشهاد الطيار الأردني البطل معاذ الكساسبة عام 2015 . وفي قمة العرب في الرياض عام 2023 تصدر خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني إسناد عودة سورية للجامعة العربية، وكخطوة هامة لإنهاء الأزمة السورية والعربية في الوقت نفسه.
ويرتبط الأردن مع سورية بعلاقة وطيدة مع روسيا الاتحادية، وهي من الجانب الأردني تاريخية منذ عهد الحسين الراحل عام 1963 والزعيم السوفييتي نيكيتا خرتشوف وسط الحرب الباردة وسباق التسلح، ومن جانب سورية أكثر قوة، وهي تاريخية منذ ما قبل نهاية الحرب العالمية الثانية التي انتصر فيها الاتحاد السوفييتي أكثر من غيره علناً، أي منذ عام 1944 ، واللغة الروسية هي الثانية في دمشق، وقاعدتان عسكريتان روسيتان في حميميم و طرطوس، و تدخل روسي عسكريي ناجح في سورية عام 2015 وبدعوة سورية رسمية لطرد إرهاب داعش، وبذلت روسيا جهوداً عسكرية مضنية في مجاله تفوق على الجهد الأمريكي المخادع ومن دون دعوة، وتم تغليف الدور الروسي في سورية من طرف أمريكا بدعاية سلبية ورُهاب عكر صفوة العلاقات وقتها بين سورية والعرب وتركيا، ولامست الأسد الابن بشار- سيادة الرئيس الذي بقي صامداً في موقعه الرئاسي وانتخبه شعبه السوري في الانتخابات الأخيرة عام 2021 بنسبة 95،1 % من أصوات الناخبين.
أهمية العلاقات الأردنية السورية كبيرة، وتتجاوز المصالح الاقتصادية والمائية بسبب عمقها القومي والعلاقة الشقيقة، والخطاب السوري مع إسرائيل الذي لا تقيم معاهدة سلام معها يختلف عن خطاب الأردن مع إسرائيل الذي يقيم معها معاهدة سلام منذ عام 1994، فالرئيس الأسد وصف نظام إسرائيل في قمة العرب في الرياض 2024 بالنازية، والمستوطنين بالقطعان. ووجه جلالة الملك عبد الله الثاني في الأمم المتحدة في نيويورك 2024 خطابه للأمم المتحدة نفسها التي تتعرض للهجوم الفعلي والمعنوي وحتى علم الأمم المتحدة الأزرق المرفوع فوق الملاجئ والمدارس في غزة يعجز عن حماية المدنيين الأبرياء من القصف العسكري الإسرائيلي. ويلتقي جلالة الملك عبد الله الثاني مع الرئيس بشار الأسد على ضرورة إعطاء أولوية لوقف الحرب والمجزرة الإسرائيلية في غزة ولبنان. والعلاقات الدبلوماسية والسياسية الأردنية مع سورية مازالت تتحرك على مستوى وزارتي الخارجية ولقاء الرئيس الأسد من خلالها، وقائم بالأعمال سوري في عمان ومثيل له أردني في دمشق.
والعلاقة الأردنية – الروسية منذ اندلاع العملية العسكرية الدفاعية التحريرية عام 1922، و على الرغم من وجود سفارتين أردنية عاملة في موسكو وروسية عاملة في عمان، إلا أن مستوى العلاقات بين بلدينا ينحصر في عمل وزارتي الخارجية، وتعاون مشترك، ولقاء سابق لوزير خارجية روسيا سيرجي لافروف بجلالة الملك عبد الله الثاني بعمان عام 2022 ، وهو الممكن تطويره لزيارات ملكية أردنية ورئاسية روسية وسورية تماماً كما كان عليه الحال قبل ذلك. وموقف الأردن من الحرب الأوكرانية محايد ومحاور للطرفين الروسي و "كييف". ولقد زار جلالة الملك عبدالله الثاني موسكو في السنوات 2003/ 2008 / 2012 / 20015 / 2015 / 2021، وتوقفت الزيارات الملكية بعد ذلك، واتصال هاتفي لجلالة الملك عبد الله الثاني مع الرئيس بوتين عام 2019 بسبب ظرف كورونا وحاجة الأردن للقاح (كوفيد 19 - سبوتنيك). وثمة زيارتان رئاسيتان للرئيس فلاديمير بوتين للأردن وزيارة منطقة المغطس عامي 2007 و 2012 . وزار الرئيس دميتري ميدفيديف الأردن عام 2011 وزار المغطس، وشارك الرئيس بوريس يلتسين في وداع الراحل الحسين رحمه الله إلى مثواه الأخير بعمان عام 1999 .
وفي الختام هنا أذكر بأهمية البيت الروسي والكنيسة الروسية اللذين أقيما في منطقة المغطس بوصفه عملاً تشاركياً بين الأردن بواسطة تخصيص قطعة من الأرض، وباهتمام من جلالة الملك والرئيس بوتين وبتكلفة روسية وصلت إلى 40 مليون دولار. وعودة ناجحة لطائرة الملكية الأردنية بين عمان وموسكو بعد توقف دام عدة سنوات، ومشروع لمتحف أردني للديانة المسيحية متوقع تنفيذه في منطقة المغطس لتطوير السياحة الدينية هناك. وتبادل تجاري أردني وصل الى نصف مليار دولار. وموقع الأردن الإستراتيجي والسياسي مهم لروسيا وسورية، وروسيا قطب هام في السياسة الأردنية والسورية.