حينما تكيل الأوطان بألف مكيال! "ج1"
محمد بدوي
16-11-2024 12:53 PM
ما أصعب أن يشعر اي مواطن بأن وطنه الذي يقطن فيه وشرب من ماءه وتنفّس هواءه وقدّم كل حقوقه تجاه وطنه ليجد نفسه في نهاية الأمر وحيدا معزولا لا يشعر به هذا الوطن “أي وطن” كان..
وجد نفسه بعد أن قدّم كافة حقوقه تجاه وطنه لكنه لم يأخذ ولو حقا واحدا أبسطها حياة كريمة .. لم ينل فيها حقه لا في العلاج ولا التعليم ولا الصحة ولا الرعاية ولا المسكن ولا شيء ابدا .. ليُضحى مجرد آلة يقدم فيها واجباته تجاه وطنه لا أكثر ولا اقل..
الظلم حينما يقع على شخص ما او مواطن ما في أي بلد وفي أي وطن.. سيضحي الحل لهذا الانسان او ذاك هو الهجرة الى بلاد واوطان تقدم له ابسط الحقوق والكرامة وسبل العيش الكريم التي ضمنتها كافة الدساتير والحقوق الانسانية في هذا العالم..
فعن أي عدالة يتحدث البعض وعن اي مساواة وعن اي حقوق تغنّى ويتغنّى بها مسؤول في وطن ما “اي وطن” وعن ايّ صبر يطلبة مسؤول في وطن ما من مواطنيه ..
قد تناسى هذا المسؤول “اي مسؤول” ان هذا المواطن لم ينل ابسط حقوقه في العيش والحياة الكريمة .. هذا المواطن المطلوب منه الصبر دائما وابدا في اي وطن قد وصل الى مرحلة لم يجد فيها ابسط الحقوق ولم يأخذ فيه حقه البسيط المكفول له من الاصل في الدساتير والاديان السماوية ..
والمدهش بل الغريب جدا ان يطلبوا منه الصّبر والتريّث لمستقبل مجهول لا يعلم به الا المولى عز وجل .. لكن الواضح ان لا مستقبل قادم ولا حياة كريمة يحقق فيها ولو جزء بسيط من انسانيته وآدميته.
فعن أي صبر يتحدث هؤلاء في تلك الاوطان .. وعن اي عدالة يتحدث فيها مسؤول في تلك الاوطان .. وعن أي كرامة يتحدث بها مسؤول في وطن ما!!
من يجلس وراء كرسي فاره وراتبه بآلاف الدنانير وحوله مئات من الموظفين والسكرتاريا والسائقون لا يحق له من الاصل التحدث ولا الحديث عن الصبر لان هذا المسؤول في وطن ما لم يذق طعم الحرمان ولا الجوع ولا النوم في العراء..
لم يذق ان ينتظر 10 ساعات وربما ايام للحصول على سرير في مستشفى .. لم يشعر ولم يمرّ في سيره على اقدمه لعشرات الكيلومترات للوصول الى منزله .. لم يبع أي شيء في منزله للحصول على ابسط الحقوق في علاج او تعليم .. لم ينتظر ساعات وساعات لعل وعسى ان يحصل على معونة عاجلة طارئة ..
لم يحلم مثلما حلِم هذا المواطن البسيط في تأمين حياة كريمة شريفة عفيفة .. لم يصحو باكرا صيفا او شتاء للوصول الى مكان عمله خوفا من “الخصم” هذه ابسط الاشياء التي يتحدث بها مواطن في اي وطن “أي وطن”.. ولا اريد الخوض في غمار حديث آخر أشمل واوسع الآن..
هي مصيبة كبرى حينما تكيل الاوطان بألف مكيال ومكيال.. وللحديث بقية..