المؤسسات التربوية تتقدم في اتجاهات التربية الراجعة والتعليم المستمر
د. أميرة يوسف ظاهر
15-11-2024 02:14 PM
تعد وزارة التربية والتعليم أكبر تجمع مدني إذ ينضوي تحت لوائها ما يزيد عن مليوني و700 ألف طالب وطالبة، و170 ألف معلم ومعلمة، وهناك 134 ألف طالب وطالبة سوريين يتبعون لمدارس وزارة التربية والتعليم، وهذا يزيد عن نسبة 30% من سكان المملكة.
وإذا علمنا أن نسبة الأمية في الأردن معدومة فإن هذه النسبة الكبيرة تقع في السنوات العمرية الأولى، وتأتي في مرحلة مهمة من الإعداد والتأهيل بآليات تعدها الدولة من خلال هذه الوزارة التي تأخذ على عاتقها وضع المناهج، وتهيئة البنى التحتية المناسبة، وتعدهم لقيم مرتبطة بسلوكيات محلية وعالمية أساسها العادات والتقاليد والدين، وقيم إنسانية تضمن حقوق الإنسان فيما يتفق عليه البشر في هذا الكون ضمن قواعد ومحددات، وهذا يتبعه بالضرورة العدالة والمساواة ومحاربة الفقر والبطالة والحاجة، ويقيم محددات أيضا في منظومة الأداء إذ ينتقل الإنسان إلى طرائق جديدة في استخدام العلوم، فهناك ثورة رقمية عملت على تغيير الكثير من النظريات الكلاسيكية في الاتصالات والإعلام والمواصلات، وصار بوسع الطلبة تلقي علومهم عبر طرق جديدة منها ما هو وجاهي ومنها ما هو افتراضي ومدمج.
وفي بيئة المدرسة والتي تعتبر أساس العمل التربوي وما يتبعها من أدوار فاعلة للمعلم والطالب والموظف، يتعدى دورها في أحيان كثيرة إلى المجتمع المحلي الذي يعكس القيم التربوية فيما يعرف في علم الاجتماع بالتربية الراجعة، والتي يتأثر فيها الأهل بمستوى أبنائهم العلمي والتربوي، صار من الواجب على المؤسسات التعليمية أن تضع في الحسبان أن دورها يتعدى الإطار المدرسي ويستدعي طرق جديدة تستوجب التفكير العميق فيما ستحدثه مناهجها من نقلة نوعية لطرق تفكير الطلبة ولكفاياتهم ولمهاراتهم وكذلك معلميهم وأهلهم وعلى المجتمع برمته.
لقد كان المؤثر التعليمي والتربوي واضحا على المعلمين والمعلمات، وصاروا متلقين كطلابهم، ولذلك فهناك أهمية للمناهج التي تتبناها الوزارة من خلال المركز الوطني وإدارة المناهج، وكان هناك تسليم بما يأتي إلا ما ندر للهيئات التعليمية في المدارس المختلفة، إذ تبنت هذه الهيئات الرواية التي يقدمها المركز الوطني لتطوير المناهج والشخصيات التي تشترك في وضع المناهج سواء من داخل أو خارج الجسد التعليمي. وصار المؤثر التعليمي والتربوي واضحا على ربات البيوت وأرباب الأسر فيما عرفناه بالتربية الراجعة بتأثير أقل.
فالمجتمع المتأثر بالمناهج التربوية من خلال هذه الملايين المتأثرة بما تقدمه وزارة التربية والتعليم يجعل هذه الوزارة من أهم مؤسسات التوجيه الوطني، في ظل تراجع وسائل الإعلام التقليدية وتقدم كبير لوسائل التواصل الاجتماعي التي تساهم مع وزارة التربية والتعليم إن أخذت هذا الموضوع بعين الاعتبار.
وهذا بدوره يتطلب الاهتمام بمنظومة قيمية تربوية تهتم بما يقدمه المحتوى الرقمي الذي يتأثر سلبا وإيجابا بما تحققه التربية الراجعة التي يتشارك فيها الأبناء والأهل ضمن منظومة خلاقة تسهم في عملية البناء الاقتصادي والعلمي والسياسي.
لذلك على وزارة التربية والتعليم وبالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني أن تعيد النظر في وضع مناهج تقوم على نمذجة العمل التربوي والتعليمي بحيث يقوم الطلبة ببناء مشاريعهم التي تصقل شخصياتهم وترتقي بمستوياتهم القيادية، وتسهم في تطوير المجتمع من خلال ما يرشح من العلاقة القوية بين الأبناء (الطلبة) وعائلاتهم (المجتمع)؛ عند إدماج العائلات في تنفيذ مهام ومشاريع وحلول وتطبيقات وإجراء بحوث مع أبنائهم الطلبة في المدارس، فيكون برنامج مشاركة الأهل في الإسهام بمشاريع أبناءهم وبناتهم مجالا من مجالات تطوير تعلم الطلبة، الذي ينقل أثر التعلم إلى المجتمع ويحقق استمرارية وفاعلية التعلم للمجتمع ككل فيسهم في تحقيق منظومة تربوية ناقلة للأثر، قادرة على تنمية المهارات وتمكين الأفراد ضمن بيئات تعاونية تشاركية ينشئها الطلبة مع أسرهم، فتغدو العائلة مجموعة تتشارك المعارف والعلوم وتناقشها، وتطبق المهارات والكفايات وتتقنها وتتشارك مع أبنائها في تعلمهم، وذلك ضمن أسس تقويم أقل حدة على الطلبة، وأكثر منفعة للمجتمع.