facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ضياع الوفاء والمروءة!


محمود الخطاطبة
14-11-2024 01:03 AM

الكثير منا يعرف قصة أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عندما أقام الحد على راعي إبل ضرب رجلا بحجر فمات، حيث طلب الأول مُهلة ثلاثة أيام، حتى يتمكن من تقسيم ورثة بينه وبين أخ له، فطلب عمر ضمانا لذلك، فضمنه أبو ذر الغفاري، مُبررًا ذلك بالقول «أخشى أن يُقال ذهبت المروءة بين الناس».. وبالمقابل صدق راعي الإبل وجاء بالموعد المُحدد، قائلًا «خشيت أن يُقال لقد ذهب الوفاء ‏بالعهد من الناس»، ليتأثر أولاد القتيل، قائلين «عفونا عنه، خشينا أن يُقال ذهب العفو من الناس».!


تلك قصة حقيقية، ذات ثلاثة محاور رئيسة، يُبنى عليها أصل العلاقات الإنسانية أو الدولية، ولكن لن أُسقطها على ما يحدث في قطاع غزة، الذي يتعرض فيه الأهل هُناك للقتل والتدمير والتجويع، والإبادات جماعية، ومن بعده ما يحصل الآن في لبنان، وكيف تخلت الدول عن هاتين المنطقتين، وتركهما لقمة سائغة تلوكها آلة البطش الصهيونية، بعيدًا عن أي وفاء أو مروءة، أو حتى فروسية.

لكن أستطيع إسقاط هذين المحورين الأساسيين (الوفاء والمروءة) في تلك القصة، بالإضافة إلى محور «الفروسية»، على ما يحدث في العلاقات الإنسانية، أكانت على مُستوى الحي أو المكان الذي يقطنه الناس، أو بمعنى أصح الجيران، وما يحصل فيه من تعد على آخرين، أم على مُستوى العمل، وما يحدث به من ظلم وهضم لحقوق أُناس على حساب آخرين.

يبدو أننا أصبحنا نعيش في واقع، يفتقد إلى الفروسية والمروءة والوفاء، وفي حال وجدت فتكون على استحياء، أو تكون عند ثُلة قليلة من البشر، فقلما تلقى إنسان يشهد بالحق ولو على نفسه، وتراه يُجانب قول الحقيقة والصدق عندما يتعلق الأمر أو القضية به أو بأحد أفراد عائلته أو حتى المُقربين منه، أكانوا ذوي قُربى أم أصدقاء.. وكأن لسان حاله يقول أن الفروسية والمروءة والوفاء، تُقال أو تُطبق فقط بالعالم الافتراضي، وليس الواقعي.

يُحدثني أحد الأصدقاء عن حادثة حصلت معه في مكان عمله، حيث قام بمُساعدة زميل له، وإنقاذه من قرار فصل، كان سيصدر بحقه، في حال كتم شهادته، أو أدار ظهره لتلك الحادثة، أو أغمض عينيه ووضع يديه على أُذنيه، وكأنه لم ير أو يسمع شيئًا.. لكن ما يتمتع به من فروسية ومروءة، أبت عليه إلا التدخل وقول الحق، حتى وإن كان ذلك سيعرضه إلى مُضايقات من قبل رؤسائه، وهذا ما حصل بالفعل، إلا أنه لم يندم.

الأمر لم يتنه عند ذلك الحد، بل تعرض ذلك الصديق إلى مُضايقة له في العمل، فما كان من زميله نفسه، الذي قدم له المُساعدة من قبل، أن شهد ضده، زورًا وبهتانًا، ولم يستطع أن ينبس ببنت شفة، لقول حق، أو الإدلاء بشهادة، من شأنها أن تدل أولًا وأخيرًا على أنه يتمتع بوفاء، ومن ثم مقولة صدق تُنقذ زميله في العمل من الضياع، والاصطفاف إلى جانب العاطلين عن العمل، ناهيك عن أنها أصلًا ظلم.

وما ينطبق على ذلك الصديق في العمل، ينطبق على الكثير من الجيران أصحاب الحي الواحد، فلا تجد أحدا يقول الصدق في حق جار له، إلا من رحم ربي، وهم قلة.
يا ليتنا نتبنى، على الأقل، مقولة الشيخ الجليل، محمد متولي الشعراوي، رحمه الله،: «إذا لم تستطع قول كلمة الحق، فلا تُصفق للباطل».. وأخشى أن ينطبق علينا مقولات: أضاعوا الوفاء، وأضاعوا المروءة، وأضاعوا العفو، وأضاعوا الفروسية!.


الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :