facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاردن: الثقافة و الشباب1


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
13-11-2024 11:25 PM

هنالك مفهوم خاطئ للثقافة بأنها كثرة القراءة و لكن ذلك يغفل اهم نقطة و هي انعكاس الثقافة على السلوك البشري و رفع قيمة الذات. لذلك اميل لتعريف الثقافة بأنها مجموع ما يحصل الفرد من معارف (بالقراءة، المشاهدة، المجالس، السفر..الخ) بحيث تعمق التفكير و توسع الادراك و ترفع القيمة الذاتية و تنعكس على السلوك قولا و فعلا.
لذلك فإن الثقافة لا بد ان تنعكس حكما على الاخلاق في كل تفاصيل الحياة بحيث تعطي شئ من الرقي و القيمة و ليس السطحية و الثمن.

ان غياب هوية ثقافية سليمة سيؤدي حكما الى التطرف و التعصب و رفض الاخر و سلوك لا ينسجم و القيم النبيلة التي تمثل الموروث الثقافي لاي مجتمع او امه.
الثقافة تشكل الهوية و العكس صحيح فمثلا الثقافة الدينية يندرج تحتها كم من الهويات القومية و المحلية و بالمقابل فإن هوية اي دولة يندرج تحتها ثقافات متعددة.
مثلا من منظور ثقافي فإن نجاح ترامب ليس حدثا عاديا و لا يمثل فقط مجئ رئيس امريكي بل هو انتصار لمشروع عالمي على مشروع آخر استفحل في السنوات الاخيرة و كان على وشك الانتصار.

لقد كان هنالك مشروعين ثقافيين يتصارعان الاول المشروع التنويري و القائم على تفكيك كل المجتمعات بدءا بالاسره و انتهاءا بالدول و الاديان لصالح حرية لامتناهية للفرد تعدت حدود الحرية العادية الى حرية تغيير الذات و اصبح هذا المشروع بمثابة دكتاتورية مقنعة تحت مسمى حرية الفرد في تحديد توجهه الجنسي و حتى تعريفه كانسان بحيث يستطيع الطفل ان يتخيل نفسه حيوان و له الحرية بان يعامل كذلك.

بالمقابل فإن المشروع الآخر ثقافيا قائم على المحافظة على الاسر و الدول و الهويات و القوميات و تحديد حرية الفرد ضمن ما اتفق على المجتمع الانساني.

كلا المشروعين تقوم قيادتهم على الارض الامريكية و راس الحربة في الاول الديمقراطيين الليبراليين الجدد و في الثاني المحافظين الجدد.

المشروع الاول له اتباع مؤمنين به حد التطرف و هدفه البعيد مجتمع انساني متفكك و فرد حر متقلب مع حكومة عالمية تحكم هذه الكنتونات المتفرقة و تتعامل معها بفوقية نخبوية مطلقة.

طبعا المشاريع الكبرى لا تختفي و لكنها تنتقل من حال الى حال و ستبقى تصارع و الاشهر القادمة حبلى و خطيرة خصوصا ان المشروع الاول لا يمانع بحدوث حرب عالمية ثالثة.

يقودنا ذلك الى أن العالم ما زال محكوما بالنموذج الامريكي بتأثيره الاقتصادي و الثقافي اكثر من تأثيره العسكري فالصين اليوم برغم التقدم الاقتصادي و التكنولوجي ما زالت غير مؤثرة ثقافيا و أما روسيا فهي عملاق عسكري و لكن انتهى اثرها الثقافي بسقوط الاتحاد السوفييتي.

النموذج الوحيد الباقي ثقافيا بعد النموذج الامريكي هو النموذج العربي و برغم الضعف العربي عسكريا و سياسيا فإن النموذج الثقافي ما زال حي و مؤثر و له جذور تاريخية عميقة و هذا يعيدنا الى موضوع مقومات الهوية و مظاهر الهوية.

مقومات الهوية هي اللغة و الاعتقاد و التاريخ و الجغرافيا و هذه تجتمع جميعا تحت اللغة العربية و التاريخ العربي في منطقتنا لذلك التقي بالهوية مع المغربي و المصري و الخليجي و العراقي أما مظاهر الهوية فهي تختلف من منطقة لاخرى و من بلد الى بلد و مظاهر الهوية هي اللباس و اللهجة و الطعام و العادات و التقاليد لكن اذا عدنا للتعريف الحقيقي للهوية فكل الدول العربية هويتها العروبة حكما و تختلف مظاهرها خصوصا أن المجموعات الفردانية الجينية للامة العربية خليط بين الجينات العربية و الافريقية و غيرها و لكن الجينات ليست جزء من مقومات الهوية.

اعتقد أن مشكلة الامة العربية أننا لم نتفق على آلية حكم و بقينا في صراع بين نماذج محلية و نماذج دينية و نماذج مستورة طورتها شعوب اخرى على مقاسها فكانت اما ضيقة او واسعة على مقاسنا. فالنموذج الشيوعي و الاشتراكي و الراسمالي نماذج مستوردة و النموذج القبلي نموذج محلي و النموذج الديني في الحكم كان في عصر مختلف فرضه منطق مختلف و أما النموذج القومي فقد فشل لفشل القائمين عليه و ميلهم للاستبداد و الفساد المالي و الاداري و المغامرات اللامحسوبة.

ما زلنا نجتر تلك النماذج و كل فريق يتمترس خلف نموذج مع أن الاصل ان هدف اي نموذج هو اولا بقاء الدولة او الامة و ثانيا العدالة الاجتماعية و الرفاه ان توفرت الظروف و قد يكون البعد عن الظلم و الاستبداد اهم من السعي للعدالة و المساواة. لذلك برايي دولنا في المشرق ما زالت ضعيفة سياسيا لانها قائما فقط على سلطة تنفيذية و ما زالت تبحث عن نموذج مناسب لبناء الثقة بين الفرد و السلطة و الطريقة الاسهل و لكن الاقل مرونة بالتأكيد هي القوة الخشنة في حين أن الطريقة المثلى هي القوة الناعمة التي تعطي مساحة للفرد ضمن هوامش و تسعى لبناء الثقة بين الفرد و المؤسسات.

لنا أن نتخيل اول مجتمعات انسانية الكل فيها يملك كل شئ تغيب فيها السلطة و تغيب فيها الطبقية الى ان تشكلت مجموعة من الأقوياء في مجتمعات الصائد لاقط امتلكت و بالتالي تشكلت السلطة و الطبقية. ثم تغيرت المعادلة بالانتقال الى المجتمع الزراعي و توفر الامن الغذائي و الاستقرار و لكن عادت الطبقية و معها السلطة الى ان ظهر الفكر و الثقافة التي اما ان تتماشى او تتحدى القوة فكانت النماذج الثقافية هي مفاصل التغيير الانساني و محرك الصراعات و الحروب و كذلك الازدهار لذلك نرى ان ظهور الدين الاسلامي في مكة البعيدة عن الامبرطوريات الفارسية و الرومانية في حينه كنموذج ثقافي غير المنطقة العربية و العالم القديم و كذلك النموذج الثقافي للثورة الفرنسية هو من صاغ اوروبا و امريكا اليوم و النوذج الثقافي الشيوعي الاشتراكي كاد ان يعيد تعريف العالم لذلك فإن اليوم هنالك فقط نموذجان عالميين او عابرين للحدود و هما النموذج الغربي و النموذج العربي اما باقي النماذج فهي نماذج ثقافية محلية محدودة التاثير.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :