حكمة الفلاسفة وعدالة الحياة: دعوة لتجديد الفكر البرلماني
يحيى الحموري
13-11-2024 11:24 PM
السيدات والسادة أعضاء مجلس النواب العشرين الأفاضل،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إن يوم الاثنين 18/11/2024 يومٌ مشهودٌ لكم إذ تجتمعون، وتتهيأون لبدء مسيرةٍ جديدة من العطاء في مجلس النواب الكريم بعد أن تستمعون لخطاب العرش الملكي . أنتم الذين نالكم شرف تمثيل هذا الشعب، فأنتم ميزان العدل وصوت الحق، وحملة الأمانة في هذا الزمن الراهن.
دعوني أنطلق معكم من يقين عميق بأن المجلس ليس موقعاً تشريفياً فحسب، بل هو محفلٌ تتمازج فيه معاني العطاء والبذل والتجرد من أي نوازع شخصية. إذ إن كل لحظة من هذه السنوات الأربع القادمة هي فرصة للتأثير والتغيير، لحفر أثرٍ في صلب الوطن، ولإشعال جذوةٍ من نور العدل والحكمة.
أذكركم أن العمل البرلماني ليس سعياً إلى الاكتمال، بل هو البحث المستمر عن الأفضل، وعن الأنقى والأكثر فاعلية. اعملوا بروح الفلاسفة، الذين لم يسعَوا يوماً إلى الحقيقة المطلقة، لكنهم واصلوا المسير في دربها. اجعلوا الشك منهجاً والبحث الدؤوب سبيلاً، فالعقل لا يعرف اليقين التام، بل يسعى دائماً للتجدد والتحسين.
أنتم في موقع القادرين على صنع الفرق، وما أسألكم به ليس مجرد أداء واجب، بل خلق إرث يدوم؛ إرث يذكره الأجيال بكم بعد انقضاء ولايتكم. استمعوا لصوت الناس، لكن لا تكونوا رهينة أصواتهم فحسب، بل اجعلوا عقلكم وضميركم بوصلةً تُرشدكم إلى ما فيه خيرٌ للمجتمع.
وإني هنا أهمس لكم بهذه النصائح:
1. كونوا حرَّاس الضمير الجمعي، فإن الثقة التي مُنحت لكم ليست مطلقة، بل هي أمانة تحتمل المساءلة.
2. اجعلوا من العدل عقيدةً، ومن النزاهة درباً، فالعدالة هي ميزان الحياة، وهي مطلب لا يخضع لمساومة.
3. أنصتوا إلى عُمق صمت الشعب، فالناس أحياناً تهمس بمطالبها في سكونها، لا تُعبِّر عنها صراحةً، وإنَّ أعمق المطالب ما تُمليه الحاجة وما يعبِّر عنه الصمت.
4. ابحثوا عن أفق الفكر لا أفق الصوت، فمن يخدم الوطن بحق، يبحث دائماً عن حلول جديدة، ويختبر الأفكار، فلا ينحصر تحت جناح الآراء التقليدية.
5. تمسّكوا بالحكمة وادفعوا نحو التغيير الإيجابي، فإن مهمتكم ليست في الوجود فقط، بل في إحداث تغيير نوعي؛ تغيير يقتلع الجذور العقيمة ويغرس بذور الأمل.
وأخيراً، اسمحوا لي أن أذكركم أنَّ المجلس النزيه الصادق، هو ملاذ الوطن وحصنه الحصين. أنتم هنا اليوم لتحقيق كرامة الإنسان، لتُعلي صوت الحق وتُعيد للناس الثقة في أن العدالة ممكنة والصدق ممكن.
حفظكم الله ووفقكم إلى ما فيه الخير والنفع للوطن.