الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني
د. أشرف الراعي
13-11-2024 01:42 PM
بالأمس في جامعة أبوظبي – وبحرمها الجامعي في دبي التقيت عدداً من الخبراء القانونيين ضمن ندوة متخصصة، ركزت على قضة التحكيم في ظل الإشكالات الجديدة التي يخلقها الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحديثة، لكن اللافت في هذه الندوة وكل الندوات المتعلقة بالعمل القانوني والذكاء الاصطناعي على حد سواء، - بوجهة نظري - حتى اليوم هو التخوف من السلبيات التي ينتجها الذكاء الاصطناعي على العملية القانونية وعمل المحامين، والقانونيين وأستاذة الجامعات لا بل يتعدى إلى عمل الصحافيين والكتاب والمؤثرين الرقميين عبر المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.
وبالطبع واحدة من أبرز العيوب التي ينتجها الذكاء الاصطناعي أنه يصل إلى استنتاجات محدودة في مقابل العقل البشري قائمة على خوارزميات محددة وبالتالي، فإن المدخلات هي التي تحدد إن كانت المخرجات الناجمة عنه ستكون مخرجات سليمة ودقيقة أم لا، كما أن العديد من الدول ومؤسساتها الاقتصادية الكبرى تعتمد على أنظمة الذكاء الاصطناعي وهو ما سيؤدي في حال إدخال بيانات خاطئة إلى انهيار في هذه الشركات، ونضرب على ذلك مثلاً شركة فيسبوك وإنستغرام كتطبيق تابع لها وشركة X وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي التي يشكل أي عطل فيها إلى انهيار حاد في البورصات العالمية وتخوفات عالمية كبرى، لأن هذه الشركات أصبحت تحتوي معلومات وبيانات الناس حول العالم وتثير تخوفات ربما لا يمكن تصورها.
أما التخوف الآخر الذي لم يخفه رجال القانون – في الندوة – هو عدم قدرة المشرع في مختلف الدول العربية، وحتى العالم على سن قوانين تتعامل مع تحديات الذكاء الاصطناعي، والسبب التقدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي المذهلة؛ فمثلاً وصلت شركة "جوجل" إلى 100 مليون مستخدم في 6 سنوات بينما وصلت شركة ChatGPT إلى هذا الرقم فقط في 3 أشهر، وهو ما يعطي تصوراً عن التقدم "المرعب" إن جاز التعبير حول هذا التقدم التقني الذي يشهده العالم والذي يسير بنا نحو آفاق لا يمكن تصورها، وضرورة التكيف مع هذه الموجة الهائلة من الاستخدامات الكبيرة لأنظمة الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني ولا سيما في المجالات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية والتحكيم والبحث القانوني وغيرها الكثير من المجالات.
وبطرافة، أجابني د. محمد سامح عمرو، وهو عميد كلية الحقوق في جامعة القاهرة عندما تساءلت منه عن الحلول بوجهة نظره قائلاً: "دي دول لسه ما جاوبتكش يا دكتور على هذا السؤال"، وبهذه الإجابة يكون قد وضع الدكتور عمرو، وهو ما اتفق معه العديد من العاملين في مجال التحكيم القانوني، حداً لما يمكن التكهن به في قادم الأيام من تطور مخيف في أنظمة الذكاء الاصطناعي، لكن بالطبع لا بد اليوم من أن ننتبه في مجتمعاتنا إلى هذا التقدم وعلى المشرع أن يكون فطناً لما يمكن أن يحدث ويهيئ نفسه، كما يجب أن تتجهز الدول وتدرب العاملين في المجال القانوني على استخدامات الذكاء الاصطناعي، لأنه حتماً سيكون متواجداً وبقوة في العمل القانوني، وحتى لا يشكل صدمة علمية وثقافية وحضارية لمجتمعاتنا التي ما زالت تحاول لحاق الركب العالمي في المجال العلمي، علماً أن بعض الدول الأوروبية ومنها ألمانيا، وكذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة بدأت فعلياً باستخدام الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني وعلى وجه الدقة.