دولة جعفر حسان .. والجامعات التي نريد
حازم المومني
13-11-2024 01:33 PM
منذ تسلّم رئيس الوزراء المكلف لمسؤولياته استنادًا إلى كتاب التكليف السامي، جاءت أغلب رسائله إيجابية ومبشّرة، مستمدة من العمل الميداني والجولات المتكررة التي قام بها بهدف تعزيز ثقة المواطن، والتي نتمنى أن لا تكون مجرد زوبعة في فنجان.
في هذا المقال، وبحكم اطلاعي المباشر على حيثيات وهموم القطاع، ارتأيتُ أن أنقل بقعة الضوء إلى مكانٍ آخرَ من جسد الدولة لا يقلُ أهمية عما سلطتُ الضوء عليه سابقًا، وأخص بالذكر قطاع الجامعات. وكشاهدٍ آخرَ على أهميته، فإنني أستهلُ مُذكِرًا بأن كتاب التكليف السامي قد جاء مؤكدًا على أهمية المؤسسات التعليمية ككل، والجامعات على وجه الخصوص بوصفها مرتكزات أساسية لتعزيز القيم الوطنية والمجتمعية، وتكريس العمل التطوعي، والمشاركة الفاعلة، ورفع الحس بالمسؤولية، والاحترام لسيادة القانون في إطار الدولة المدنية، مما يضمن بناء مجتمع قوي ومتماسك يسهم في نهضة الوطن وتقدّمه.
لا يختلفُ اثنان على أن الجامعات الأردنية، بما تملكه من خبرات متراكمة وإشعاع حضاري، تستحق مزيدًا من الاهتمام والدعم لتقوم بالدور المنوط بها في التنمية والتطوير. ويبرز هنا السؤال المحوري: لماذا لا تتولى قيادة مجالس الأمناء في الجامعات شخصيات أكاديمية متميزة ذات إنجازات علمية وبحثية بارزة، تحمل رتبة الأستاذية، لتقود التخطيط الاستراتيجي وترتقي بالجامعات؟
إن من الضروري أن يحظى رؤساء الجامعات بالاستقلالية الكافية لتسيير شؤون مؤسساتهم، مع تحديث التعليم والخطط الدراسية، وعدم إغفال الأدوار التنموية والمجتمعية للجامعات. كذلك، يجب منح حوافز مالية عادلة للقطاع الإداري، الذي لم يشهد زيادات منذ فترة طويلة، ودراسة توفير سكن ملائم لمنسوبي الجامعات لتخفيف الأعباء عليهم.
ولا يفوتني ذِكر خزان المعرفة الذي تحتضنه جامعاتنا الحبيبة، وألفِتُ إلى إنه بإمكان رئيس الوزراء الاستفادة من الخبرات الأكاديمية الواسعة في الجامعات الأردنية في جميع المجالات، مع توجيه الجهود نحو تحسين نوعية البحث العلمي وزيادة الخدمات المقدمة للطلبة والموظفين. كما ينبغي تقليص الفجوة بين الجامعات والقطاعات الصناعية والتجارية والزراعية الخاصة من خلال بناء وتعزيز جسور التعاون والتكامل، وإعطاء الأولوية لتحويل براءات الاختراع إلى منتجات ملموسة تخدم المجتمع.
نأمل أن تستمر توجهات التغيير الإيجابي والإصلاح الحقيقي عند الرئيس المُكلف، وأن تتحول إلى عدوى حميدة تنتقل بسرعة إلى كافة مفاصل الدولة وبين كافة موظفيها، بما يشمل قطاعيها العام والخاص، وأن تتواصل الجهود المخلصة لدعم الجامعات وتعزيز دورها التنموي.
وأختم رافعًا أكف الضراعة إلى الله عزّ وجل أن يظل وطننا آمنًا ومستقرًا، متقدمًا نحو مستقبل أكثر ازدهارًا بجهود أبنائه الأنقياء والغيارى.