ولي العهد عن المناخ .. مقاربة سياسية إنسانية مناخية
نيفين عبد الهادي
13-11-2024 12:50 AM
أن تجتمع قضيتان لا تقل إحداهما عن الأخرى أهمية، وتضعهما أمام منصّة عالمية أمام عدد كبير من القادة والرؤساء والوفود الدولية وممثلي منظمات أممية، هو الإنجاز وعلى مستوى دولي، إنجاز بعبقرية استثنائية، تجسد ذلك في حضور وكلمة سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني خلال مشاركة سموه في مؤتمر المناخ التاسع والعشرين المنعقد في العاصمة الأذربيجانية باكو.
بالأمس، مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني، شارك سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ التاسع والعشرين في باكو، وتحدث سموه في المؤتمر بكلمة تضمنت قضيتين غاية في الأهمية، إذ ربط سموه بمقاربة ذكية ما بين المناخ واللجوء، بإطار حقيقة هامة جدا ورسالة ذكية بأن المؤتمر يعقد في لحظة «يتلاشى فيها الإيمان بقدرتنا على الوقوف معا، عندما تنتهك المعايير العالمية وتنهار الثقة بقدرة المجتمع الدولي في الدفاع عن قيمه وتبث الانتهاكات الإنسانية يوميا للعالم ويتم تجاهلها دون عقاب»، مقاربات سياسية اجتماعية اقتصادية مع المناخية تحمل معاني ودلالات في التعمّق بها نجد ترابطا قويا في جعله نهج عمل سيقود لحالة نموذجية ليس فقط مناخيا إنما على الصعد كافة.
وفي رسالة أخرى تحدث بها سمو الأمير الحسين، بأن السبيل لإنقاذ الكوكب أن ننطلق من قناعة «جميع الأرواح تستحق الإنقاذ» و»التضامن الذي نحتاجه يعتمد على الإيمان بهذه الحقيقة»، عبقرية طرح نادرة واستثنائية، تجعل من الحياة المثالية ترتبط بالمناخ والأمن والسلام، كحق للجميع ودون استثناء، الحقيقة التي دعا سمو الأمير الحسين العالم الإيمان بها، حقيقة تضع كوكبنا والعالم وتفاصيل حياتنا في مكان مثالي بحرفيّة التفاصيل، التفاصيل التي يحاول البعض إدارة عين الاهتمام عنها، والتغافل عنها، ليشير سموه إلى أنها حقيقة التمسك بها حلّ للكثير من القضايا والمشاكل والتحديات.
وحضرت فلسطين في كلمة سموه بشكل واضح، بعيدا عن الإشارات والدلالات، في حديث سموه عن وقوف العالم متفرجا أمام «الآلاف من الشهداء الفلسطينيين في غزة غالبيتهم من النساء والأطفال»، وذلك على مدى (13) شهرا، ويربط سموه هذا الواقع المؤلم بأن إنقاذ كوكبنا يجب أن يكون بأن جميع الأرواح تستحق الإنقاذ، معادلة حقيقة عبقرية بأن التعامل مع تحديات المناخ تتطلب «ايلاء اهتماما للعلاقة بين المناخ والسلام والأمن»، واقع عجزت عنه دراسات وأبحاث ازدحمت بها مكتبات البيئة والمناخ، وصدحت بها حناجر على مدى سنين، يصيغها سمو الأمير الحسين بكلمات واضحة ولغة بيضاء تغيب عنها أي ضبابية، أو حاجة للبحث.
وتحدث سموه أيضا بمقاربة ذكية عن المبادرة التي أطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني، «مترابطة المناخ- اللاجئين» هذه المبادرة التي جمعت بين شتات قضيتين غاية في الأهمية، لكنهما لا يحظيان برؤية دقيقة كرؤية جلالة الملك التي تجعل من اللجوء جزءا من تحديات المناخ، إن لم أساسا في مفاصل هامة، إضافة لكون وقف اللجوء وعلاج تحدياته جزءا من حلّ مشاكل المناخ، هي صيغة تتجاوز كونها وصف واقع إنما هي حالة في الوقوف على واقعها يصل العالم لحلّ لجزء كبير من التحديات المناخية ومشاكله.
كلمة سمو الأمير الحسين، أمام زعماء وقادة وصانعي قرار من كافة دول العالم، وضع قضايا المناخ بشكل مختلف تماما، وبصيغة بعيدة عن النمطية التي اعتاد العالم التعامل معها مع هذه القضايا الهامة، والتي رأى سموه انها تحتاج نضالا لنيل الأمن المناخي، كما باقي ما تحتاجه البشرية «لأن كل حياة تستحق النضال من أجلها»، يصعب الوقوف على المهم في كلمة سموه، فكل ما تضمنته يعدّ «الأهم» مناخيا وسياسيا وإنسانيا وإغاثيا، طرحها سموه بكل وضوح وواقعية، وبصيغ تقود حقيقة لحلول عملية لكل ما يسعى الكثيرون التوصل له في قضايا المناخ.
الدستور