الأردن بين ذكرى التأسيس والاستقلال
د. سحر المجالي
28-05-2011 04:11 AM
قبل تسعين عاماً ، سار الركب من بطحاء الحجاز يعتليه فارس عربي هاشمي، ممتطياً جواده عبر الصحراء، متوجها صوب الأردن، يحمل آمالا وطموحات بتحرير سوريا الكبرى، ليصل إلى معان يوم 21 تشرين الثاني 1920. ويتابع سيره إلى الطفيلة فالكرك فالبلقاء فحوران وحواضرها. ويبايع من قبل أبناء العشائر الأردنية، من الهضبة إلى العقبة، بالحفاوة والترحيب بهذا الفارس العربي الهاشمي.
كانت المهمة صعبة أمام الأمير عبدالله الأول بن الحسين , لكنه كان مدركاً حجم هذه المهمة وصعوبتها، الأمر الذي ساهم في تجاوز الكثير من التحديات التي واجهته خلال مرحلة التأسيس، فقد عقد الأمير عبدالله الأول بن الحسين العديد من اللقاءات والاجتماعات خلال الفترة من 28 إلى 30 آذار 1921، والتي سميت بمؤتمر القدس. هذا المؤتمر الذي حدد مصير منطقة شرق الأردن، حيث أعتبر من المنظور الاستراتيجي ضربة قوية لوعد بلفور المشؤوم عام 1917، فقد استطاع الملك المؤسس وبحكمته وبصيرته الثاقبة، استثناء منطقة شرق الأردن عن المنطقة التي حددتها خريطة المنظمة الصهيونية التي قدمت في مؤتمر فرساي عام 1919 والتي ضمت مناطق شرق الأردن حتى خط سكة حديد الحجاز إلى المشروع الصهيوني.
لقد ناضل الأردنيون إلى جانب أميرهم في سبيل الحصول على استقلالهم السياسي، معبرين في ذلك عن أنفسهم بالمظاهرات والاجتماعات والإضرابات العامة ورفع البرقيات والاحتجاجات إلى بريطانيا , وأثمرت هذه الجهود بتوقيع معاهدة الصداقة والتحالف الأردنية-البريطانية يوم 22 آذار 1946، والتي تضمنت اعترافا رسميا بالأردن دولة مستقلة استقلالا تاما، حيث اعتبر يوم 25 أيار- مايو 1946 يوما وطنيا رسميا لإعلان الاستقلال السياسي، وبداية مرحلة تاريخية جديدة في تاريخ الأردن.
وحمل الراية المرحوم الملك طلال بن عبدا لله، الملك المشرع والأب الروحي للدستور الأردني، حيث قاد مسيرة العطاء والبناء. فخلال فترة حكمه القصيرة، التي قضاها ملكا، وضع الدستور الجديد للأردن عام 1952، الذي يعتبر من الدساتير الديمقراطية سواء في مجال النزعة أو المضمون، لما يتمتع به من درجة عالية من المرونة والمقدرة على استيعاب التوجهات الديمقراطية والإصلاحية في قابل الأيام.
وتولى المغفور له بإذن الله – الملك الحسين بن طلال ، قيادة مسيرة الخير والعطاء والبناء الأردنية ، والتي بدأها بالعمل من اجل الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، وبوحي من الديمقراطية والشورى من اجل رفعة الوطن والمواطن الأردني ، فكانت في بواكير عهده مرحلة استكمال الاستقلال والمتمثل في تعريب قيادة الجيش العربي عام 1956، وإنهاء معاهدة التحالف والصداقة الأردنية – البريطانية ، والتي تعتبر خطوة جريئة من قبل ملك شاب.
وها هو الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الشاب العربي الهاشمي، يكمل مسيرة المغفور له الملك الحسين بن طلال في بناء الأردن، برؤى حديثة متميزة في التنمية والتحديث للوصول إلى أردن عصري مسلح بالعلم والمعرفة والقوة والإرادة الذاتية، ليأخذ مكانه بين دول هذا العالم. مؤكدا دائما في خطابه السياسي، سواء في المحافل الإقليمية أو الدولية، على مفهوم الديمقراطية والإصلاح السياسي، حاملا الهم العربي كزاد يومي. مواصلا الليل بالنهار من اجل أن يصبح الأردن واحة أمن واستقرار في منطقة غير آمنة أو مستقرة.
almajali74@yahoo.com
(الرأي)